للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفيها زكاة الإبل، والبقر، والغنم.

وقد سئل الإمام أحمد بن حنبل عن حديث الصدقات هذا، فقال: «أَرْجُو أَنْ يَكُونَ صَحِيحًا» وعدم الجزم بالصحة في هذا نوع من ورع الإمام أحمد ومن بعد ذلك كله فهل يليق بباحث أن يأخذ من اختلاف العلماء في صحة جملة من الأحاديث أو عدم صحتها أو اختلافهم في الاعتماد على نسخة أو عدم الاعتماد - هذا الحكم الجائر، وهو أن العصر الأول كان مطبوعًا بطابع الوضع ومما ينبغي أن يعلم اَيْضًا أن هناك فرقا بين الحكم على الحديث بعدم الصحة وبين كونه موضوعًا فقد يكون الحديث غير صحيح، ولكنه حسن أو ضعيف، ولكنه لا يصل إلى حد الوضع.

[٣] يظهر لي أن " جولدتسيهر " ظن أن الاعتماد في هذه الكتب والنسخ على الكتاب فقط وهو زعم غير صحيح فقد ثبتت هذه الكتب بالروايات الصحيحة المتصلة كما بينت آنِفًا وكتاب أبي بكر - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - في الصدقات رواه البخاري بسنده عن ثمامة بن عبد الله بن أنس، أن أنسا حدثه «أَنَّ أَبَا بَكْرٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - كَتَبَ لِي هَذَا الكِتَابَ لَمَّا وَجَّهَهُ إِلَى البَحْرَيْنِ ... » الحديث، وفي رواية الزهري السابق «أَقْرَأَنِيهَا سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فَوَعَيْتُهَا عَلَى وَجْهِهَا» فالعمدة على التلقي، والرواية لا على وجدانها مكتوبة.

ولست أدري أي ضير في الرجوع إلى وصايا مكتوبة ما دام شرط الوثوق بها متوافرًا، وما دامت تلقيت بالرواية عن الثقات، ولكي يؤثر جولدتسيهر في القارئ الذي لا ضلع له في العلم بالسنة ينظر بحلف عرب الشمال والجنوب وسرعة تصديق الناس له، وما درى أن الحلف بين عرب الشمال والجنوب ليست له من الأهمية في الدين والعلم بالحلال والحرام مثل ما للعلم بالزكاة وأنصبتها، فالسنة هي الأصل الثاني من أصول التشريع وبالعلم بها يعلم الحلال والحرام، فلا عجب إذا حلت من نفوس المسلمين المحل الممتاز اللائق، فقياس صحف الحديث على الصحيفة التي اشتملت على هذا الحلف قياس مع الفارق الكبير.

***

<<  <   >  >>