للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الغرانيق (١) في الوقت الذي نراهم يشكون فيما عداها.

والراوون المسلمون لا يعدون متعصبين لجانب واحد، هؤلاء الذين يروون مثل أن الرسول قال: «أَهْدَيْتُ لِلْعُزَّى شَاةً عَفْرَاءَ وَأَنَا عَلَى دِينِ قَوْمِي» ويروون أن الرسول سمى أبناءه عبد العزى، وعبد مناف، والقاسم، ومثل كتابه لعبد الله بن جحش عند تل نخلة.

ثم هذه الأخبار التي تتناول بيت الرسول وأموره الشخصية مثل: قصة زينب بنت جحش، ومسألة الإفك، ومسألة حفصة، التي نجدها في كتب الحديث المعتمدة مما لا تقوم الحجج من أولئك ضد صحتها فإذا ما اعترف مَبْدَئِيًّا بأن الحديث فيه جزء صحيح فإنه يكون من قبيل الرأي الباطل أن يعترف هذه الأمور القليلة التي رواها المحدثون مما لا يتناسب مع الرسول - صحيحة، وأن ما عدا ذلك كله على عكس هذا حتى يقوم الدليل على صحته!!!

وفي الحق أن الاتفاق القويم في شكل حياة المسلمين في كل صغيرة وكبيرة، وفي كل قطر وبلد هو خير دليل على أن التحديث الذي دار حول التمسك بالسنة في كل وقت، وجعل ذلك غايته التي لا تتحول، ليس مَبْنِيًّا على الأفكار المتناقضة التي ساقتها الظروف وجمعتها الأجيال المتأخرة.

ثم ذكر " فينك " بعض الأخطاء المشهورة التي وقع فيها جولدتسيهر، وأتباعه المتعصبين ونقدها نَقْدًا صَحِيحًا وخطأهم فيما ذهبوا إليه (٢).


(١) هي قصة مختلقة اختلقها الزنادقة وأعداء الإسلام وخلاصتها: أن النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قرأ سورة النجم بمكة فلما بلغ قوله تعالى {أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزَّى، وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى} [سورة النجم، الآيتان: ١٩، ٢٠]، ألقى الشيطان على لسانه «تِلْكَ الغَرَانِيقُ العُلَى وَإِنَّ شَفَاعَتَهُنَّ لَتُرْتَجَى»، ولم ينتبه النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولا المسلمون حتى نبهه جبريل إلى ما كان، وهي قصة باطلة عقلاً ونقلاً، ومن أراد معرفة ذلك فليقرأ ما كتبته في " السيرة النبوية في ضوء القرآن والسنة " ج ١ من ص ٣٧٥ - ٣٨٧ ففيها ما يشبع ويقنع (*).
وقد بلغ من عدم أمانة المستشرق الفرنسي «بلاشير» (*) صاحب ترجمة للقرآن أنه دس هذا الكذب في النص القرآني عند ترجمته سورة النجم، وهذا مع كونه لا أمانة فيه هو كذب صراح على الله، ودس سمح رخيص مكشوف من «بلاشير».
(٢) " نظرة عامة في تاريخ الفقه الإسلامي " من ص ١٣١ - ١٣٦.

<<  <   >  >>