، وكذلك جاء بلفظ «الإِنَاءِ» في حديث أنس عند البزار.
«فَلْيَغْمِسْهُ كُلَّهُ» الأمر هنا أمر إرشاد لمقابلة الداء بالدواء، وفائدة قوله «كُلَّهُ» رفع توهم المجاز بغمس بعضه وفي رواية ابن ماجه «فَامْقُلُوهُ فِيهِ» من المقل وهو الغمس قال أبو عبيد: «أي اغمسوه في الطعام أو الشراب ليخرج الشفاء كما أخرج الداء وذلك بإلهام الله تعالى».
«ثُمَّ لِيَطْرَحْهُ» في رواية سليمان بن بلال التي في بدء الخلق «ثُمَّ لِيَنْزِعْهُ» وقد وقع في حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنُ الْمُثَنَّى عَنْ عَمِّهِ ثُمَامَةُ أَنَّهُ حَدَّثَهُ قَالَ: «كُنَّا عِنْدَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فَوَقَعَ ذُبَابٌ فِي إِنَاءٍ فَقَالَ (١) أَنَسٌ بِإِصْبَعِهِ فَغَمَسَهُ فِي الْمَاءِ ثَلاثًا وَقَالَ: بسم الله، وَقَالَ:«إِن رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُمْ أَنْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ».
وسيبويه لا يجيز ذلك ويقول: إن حرف الجر حذف وبقي العمل، وقد وقع ذكره صريحًا في الرواية الأخرى «وَفِي الأُخْرَى شِفَاءً» ويجوز أن يقرأ بالرفع فيهما يعني: «وَالآخَرِ شِفَاءٌ» على الاستئناف ويكون الآخر مبتدأ، وشفاء خبر.
الحَدِيثُ صَحِيحٌ سَنَدًا وَمَتْنًا:
ومما ذكرناه من الروايات في " صحيح البخاري " وفي كتب " سنن أبي داود السجستاني "، و" النسائي "، و " ابن ماجه "، و" ابن حبان " و " البزار " وغيرهم يتبين لكل منصف وباحث ينشد الحق ويطلبه أن حديث الذباب روي من طرق عدة وعن غير واحد من الصحابة.
ولم أجد لأحد من النقاد وأئمة الحديث طَعْنًا في سنده فهو في درجة عالية من الصحة، وكل ما وقع فيه من الطعن من بعض المتساهلين والجهلاء والمبتدعة إنما هو من جهة متنه ومدلوله وذلك بأن قالوا:
«كيف يكون الذباب الذي هو مباءة الجراثيم ويقع على القذارات فيه دواء؟
(١) ففعل أو أشار والقول يستعمل في الفعل وفي الإشارة وذلك كثير في الأحاديث.