للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شَرْحُ حَدِيثِ الذُّبَابِ بِرِوَايَاتِهِ:

قوله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي إِنَاءِ أَحَدِكُمْ ... ».

الذُّبَابُ: بضم الذال المعجمة وباءين موحدتين مع التخفيف. قال أبو هلال العسكري: الذُّبَابُ واحد والجمع ذباب كغربان والعامة يقولون ذباب للجمع وللواحد ذبابة بوزن قرادة وهو خطأ، وكذا قال أبو حاتم السجستاني: إنه خطأ.

وقال الجوهري اللغوي: الذباب واحده ذبابة، ولا تقل ذُبَانَةٌ، ونقل في " الحكم " عن أبي عبيدة معمر بن المثنى عن خلف الأحمر تجويز ما زعم العسكري أنه خطأ. وعلى هذا تكون ذبابة للواحدة ويجمع على ذباب، وجمع الجمع ذبان في الكثرة وفي القلة أذبة، وحكى سيبويه في الجمع اَيْضًا ذُبٌّ - بضم الذال المعجمة، وتشديد الباء (١)، وللذباب خواص، وصفات عجيبة وسمي ذبابا لكثرة ذبه ودفعه، وقيل لكثرة حركته واضطرابه وقد جاء ذكر الذباب في الكتاب الكريم قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ} (٢). ويحكى أن بعض الخلفاء سأل الإمام الشافعي: لأَي عِلَّةٍ خَلَقَ اللَّهُ الذُّبَابَ؟ فَقَالَ: «مَذَلَّةٌ لِلْمُلُوكِ»، وكان ألحت عليه ذبابة، وضايقته، فأخذ الجواب من الهيئة الحاصلة.

«إِنَاءِ أَحَدِكُمْ» هكذا جاءت هذه الرواية بلفظ «إِنَاءِ» وفي حديث " بدء الخلق " بدء الخلق المذكور آنفا جاء بلفظ «شَرَابِ» ووقع في حديث أبي سعيد الذي رواه ابن ماجه، وصححه ابن حبان: «إِذَا وَقَعَ فِي الطَّعَامِ» والتعبير بـ «الإِنَاءِ» أشمل لأنه يدخل تحته الطعام والشراب وسواء فيهما أن يكونا ساخنين أو باردين،


(١) انظر: " القاموس المحيط " مادة «ذَبَّ»، و " المختار الصحاح " مادة «ذَبَّ».
(٢) [سورة الحج، الآية: ٧٣].

<<  <   >  >>