ومما ينبغي اَيْضًا أن أوضحه وأنبه إليه أننا معاشر العلماء المحدثين حينما ننتصر للحديث الشريف الصحيح رواية ومعنى، ليس معنى هذا أننا لا نحض الناس على مقاومة الذباب، وتطهير البيوت والمنازل، والشوارع والطرقات، وعلى حماية طعامهم وشرابهم منه، كَلاَّ وَحَاشَا، فالإسلام دين النظافة بكل ما تحتمله هذه الكلمة من معان ودين الوقاية من الأمراض والشرور، وقد جاء الإسلام بالطب الوقائي كما جاء بالطب العلاجي، وسبق إلى بعض ما لم يعرف ولم يتوصل إليه إلا في العصور الحديثه، ثم أليس في الحديث الصحيح الذي رواه " البخاري " و " مسلم " عن جابر بن عبد الله - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - أن النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:«خَمِّرُوا الآنِيَةَ - أي غطوها - وَأَوْكِئُوا الأَسْقِيَةَ - يعني اربطوا أفواهها حتى لا يتقذر الماء أو تدخل فيه بعض الحشرات الضارة -، [وَأَجِيفُوا الأَبْوَابَ]، وَاكْفِتُوا صِبْيَانَكُمْ عِنْدَ العِشَاءِ» الحديث، فها هو النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أرشدنا إلى صيانة أطعمتنا، وصيانة أوعية مياهنا والمحافظة على أولادنا الصغار من ظلمة الليل، وما عسى ينالهم في الظلمة من أذى أو شر وقد بلغ من سفاهة بعض الذين حكموا على الحديث بالكذب من الأطباء ومن الجهلاء أدعياء العلم أنهم رموا العلماء المنتصرين لصحة الحديث مبنى ومعنى " بِالذُّبَابِيِّينَ " ولا يضيرنا معاشر العلماء إِنْ نُرْمَى بِمَا يَسُوءُ وَيُؤْلِمُ فِي سَبِيلِ دَعْوَتِنَا إِلَى اللهِ ومنافحتنا عن كتاب الله تعالى، وسنة رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثم أين ما ينال العلماء والدعاة اليوم مما نال رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من رميه بالكذب حِينًا والشعر حِينًا آخر، والكهانة حِينًا ثالثا، وما نال أصحاب رسول الله - رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْهِمْ - في سبيل نشر الإسلام وفي سبيل دعوتهم، إن ما نال من جاء بعدهم لا يبلغ عُشْرَ مِعْشَارِ ما نالهم من الأذى والسباب والسفاه ثم ما رأى هؤلاء الذين كانوا يريدون منا أن نسارع إلى تكذيب الأحاديث الصحاح أو توهينها لأية شبهة، ثم جاء العلم والطب الحديث فكشف عما تنطوي عليه هذه الأحاديث الصحاح مثل حديث الذباب، من أسرار اعتبرها المنصفون والعقلاء ومن معجزات النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟!.