للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومكان وقد ينضم إلى الظهور بالحجة الظهور بالقوة والسلطان كما كان الشأن في العصور الأولى، وقد مكثت دولة الإسلام وهي صاحبة السلطان في العالم اثني عشر قَرْنًا أو تزيد حتى دب إلى الأمة الإسلامية ما دب إلى الأمم قبلها من الفرقة والانقسام، وعدم الاعتصام بحبل الله فكان ما كان من انحلال هذه الأمة وضعفها حتى صارت نَهْبًا مُقَسَّمًا بين الأعداء.

وها هي الأمة قد صحت من نومتها واستيقظت من غفلتها، وتخلصت من قيود الأسر والاستعباد، ومن سلطان الغاصب المستبد، وما من دولة من دول الإسلام إلا وقد أصبحت مستقلة وأصبح أمرها بيدها وكنا [نرجو] أن تتوحد الصفوف، وتجتمع الكلمة وتعتصم هذه الدول بحبل الله، ولكن لا زالت بينها الفرقة، والانقسام، بل وصل الأمر أن بعض المسلمين صار يقاتل البعض الآخر، ويشهر في وجهه السلاح ولا حول ولا قوة إلا بالله فهو القادر على أن يرأب الصدع، ويجمع الكلمة ويوحد الصفوف وحينئذ ستعود للأمة الإسلامية عزتها وقوتها، ويعود لها سلطانها المرهوب في الأرض.

وروى الشيخان عن معاوية - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قال: قال رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ، وَلاَ تَزَالُ عِصَابَةٌ (١) مِنَ الْمُسْلِمِينَ يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ عَلَى مَنْ نَاوَأَهُمْ (٢)، إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ».

وروى مسلم في " صحيحه بسنده عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ، لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ، حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللهِ [وَهُمْ كَذَلِكَ]». وقد حرصت على ذكر هذه الأحاديث المُبَشِّرَةُ كلها حتى لا يتسرب اليأس إلى قلوب بعض المسلمين لما وصلت إليه حال الأمة الإسلامية من الضعف والتفرق والانقسام


(١) أي جماعة.
(٢) أي عاداهم.

<<  <   >  >>