ثم أرسل بعده إلى ابن الزبير، فقال له: قد استوسق الناس لهذا الأمر غير خمسة نفر من قريش أنت تقودهم، يا بن أخي! فما إربك إلى الخلاف؟ قال: أنا أقودهم! قال: نعم، أنت تقودهم، قال: فأرسل إليهم فإن بايعوا كنت رجلا منهم، وإلا لم تكن عجلت علي بأمر، قال: وتفعل؟ قال: نعم، قال: فأخذ عليه ألا يخبر بحديثهم أحدا، قال: يا أمير المؤمنين، نحن في حرم الله عز وجل، وعهد الله سبحانه ثقيل، فأبى عليه، وخرج.
ثم أرسل بعده إلى ابن عمر فكلمه بكلام هو ألين من كلام صاحبه، فقال: إني أرهب أن أدع أمة محمد بعدي كالضأن لا راعى لها، وقد استوسق الناس لهذا الأمر غير خمسة نفر من قريش أنت تقودهم، فما إربك إلى الخلاف! قال: هل لك في أمر يذهب الذم، ويحقن الدم، وتدرك به حاجتك؟ قال: وددت! قال: تبرز سريرك، ثم أجيء فأبايعك، على أني أدخل بعدك فيما تجتمع عليه الأمة، فو الله لو أن الأمة اجتمعت بعدك على عبد حبشي لدخلت فيما تدخل فيه الأمة، قال: وتفعل؟ قال: نعم، ثم خرج فأتى منزله فأطبق بابه، وجعل الناس يجيئون فلا يأذن لهم. فأرسل إلى عبد الرحمن بن أبي بكر، فقال: يا بن أبي بكر، بأية يد أو رجل تقدم على معصيتي! قال: أرجو أن يكون ذلك خيرا لي، فقال: والله لقد هممت أن أقتلك، قال: لو فعلت لأتبعك الله به لعنة في الدنيا، وأدخلك به في الآخرة النار. قال: ولم يذكر ابن عباس".