للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فعن إسماعيل بن عياش، قال: حدثني شرحبيل بن مسلم قال: «لما بُعث بحجر بن عدي بن الأدبر وأصحابه من العراق إلى معاوية بن أبي سفيان؛ استشار الناس في قتلهم، فمنهم المشير ومنهم الساكت، فدخل معاوية إلى منزله، فلما صلَّى الظهر قام في الناس خطيبا، فحمد الله وأثنى عليه ثم جلس على منبره، فقام المنادي فنادى: أين عمرو بن الأسود العنسي؟ فقام فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: ألا إنا بحصن من الله حصين لم نؤمر بتركه، وقولك يا أمير المؤمنين في أهل العراق، ألا وأنت الراعي ونحن الرعية، ألا وأنت أعلمنا بدائهم وأقدرنا على دوائهم، وإنما علينا أن نقول: {سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير}، فقال معاوية: أما عمرو بن الأسود فقد تبرأ إلينا من دمائهم، ورمى بها ما بين عيني معاوية.

ثم قام المنادي فنادى: أين أبو مسلم الخولاني؟ فقام فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد، فلا والله ما أبغضناك منذ أحببناك، ولا عصيناك منذ أطعناك، ولا فارقناك منذ جامعناك، ولا نكثنا بيعتنا منذ بايعناك، سيوفنا على عواتقنا إن أمرتنا أطعناك، وإن دعوتنا أجبناك، وإن سبقتنا أدركناك، وإن سبقناك نظرناك، ثم جلس.

ثم قام المنادي فقال: أين عبد الله بن مخمر الشرعبي، فقام فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: وقولك يا أمير المؤمنين في هذه العصابة من أهل العراق، إن تعاقبهم فقد أصبت وإن تعفو فقد أحسنت.

فقام المنادي فنادى: أين عبد الله بن أسد القسري؟ فقام فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: يا أمير المؤمنين! رعيتك وولايتك وأهل طاعتك، إن تعاقبهم فقد جنوا أنفسهم العقوبة، وإن تعفوا فإن العفو أقرب للتقوى، يا أمير المؤمنين! لا تطع فينا من كان غشوما لنفسه، ظلوما بالليل، نؤوما عن عمل الآخرة، يا أمير المؤمنين! إن الدنيا قد انخشعت أوتادها، ومالت بها عمادها، وأحبها أصحابها، واقترب منها ميعادها، ثم جلس.

<<  <   >  >>