للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقلتُ (أي ابن عياش) لشرحبيل: فكيف صنع؟ قال: قتل بعضا، واستحيى بعضا، وكان فيمن قتل: حجر بن عدي بن الأدبر» (١).

إذن فمعاوية - رضي الله عنه - استشار، ثم اجتهد، وأدَّاه هذا إلى قتل البعض، وترك الآخرين، وكان يخشى من ترك الجميع أن يكثر الشر والفساد، وتُسال الدماء، وقد أفصح عن تخوفه هذا في لقائه بأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها.

فعن ابن أبي مليكة: «أن معاوية جاء يستأذن على عائشة، فأبت أن تأذن له، فخرج غلام لها يُقال له ذكوان، قال: ويحك، أدخلني على عائشة، فإنها قد غضبت عليَّ، فلم يزل بها غلامها حتى أذنت له، وكان أطوع مني عندها، فلما دخل عليها قال: أمتاه! فيما وجدت عليَّ يرحمك الله؟ قالت: وجدتُ عليك في شأن حجر وأصحابه أنك قتلتهم، فقال لها: وأما حجر وأصحابه: فإني تخوَّفتُ أمراً وخشيت فتنة تكون تُهراق فيها الدماء، وتُستحل فيها المحارم، وأنت تخافيني، دعيني والله يفعل بي ما يشاء، قالت: تركتك والله، تركتك والله، تركتك والله» (٢).


(١) إسناده حسن: أخرجه أحمد في مسائله (٩٦٠ - رواية ابنه صالح)، وفي سنده إسماعيل بن عياش، صدوق في روايته عن أهل بلده، مخلط في غيرهم، كما في التقريب (٤٧٣)، وروايته هنا عن أهل بلده، فشرحبيل شيخه شامي، وهو صدوق فيه لين، كما في التقريب (٢٧٧١).
(٢) أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (١٢/ ٢٣٠)، وفي سنده عبيد الله بن أبي زياد، لم أستطع تحديده، وهناك اثنان بهذا الاسم، وهما من طبقة قريبة، أحدهما: الرصافي، صدوق، والآخر: القداح، ليس بالقوي، كما في التقريب (٤٢٩١، ٤٢٩٢).

<<  <   >  >>