للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهُوَ من آيَات الله الْمَوْجُودَة فِي الْعَالم وَمِنْه قَول مُوسَى لفرعون وَقَومه {قد جِئتُكُمْ بِبَيِّنَة من ربكُم فَأرْسل معي بني إِسْرَائِيل قَالَ إِن كنت جِئْت بِآيَة فأت بهَا إِن كنت من الصَّادِقين فَألْقى عَصَاهُ} وَكَانَ القاء الْعَصَا وانقلابها حَيَّة هُوَ الْبَيِّنَة وَقَالَ قوم هود يَا هود مَا جئتنا بِبَيِّنَة يُرِيدُونَ آيَة الاقتراح والا فَهُوَ قد جَاءَهُم بِمَا يعْرفُونَ بِهِ انه رَسُول الله اليهم فَطلب الاية بعد ذَلِك تعنت واقتراح لَا يكون لَهُم عذر فِي عدم الاجابة اليه وَهَذِه هِيَ الايات الَّتِي قَالَ الله تَعَالَى فِيهَا وَمَا منعنَا ان نرسل بالايات الا ان كذب بهَا الاولون فَعدم اجابته سُبْحَانَهُ اليها إِذْ طلبَهَا الْكفَّار رَحْمَة مِنْهُ واحسان فانه جرت سنته الَّتِي لَا تَبْدِيل لَهَا انهم اذا طلبُوا الاية واقترحوها واجيبوا وَلم يُؤمنُوا عولجوا بِعَذَاب الاستئصال فَلَمَّا علم سُبْحَانَهُ ان هَؤُلَاءِ لَا يُؤمنُونَ وَلَو جَاءَتْهُم كل آيَة لم يجبهم الى مَا طلبُوا فَلم يعمهم بِعَذَاب لما اخْرُج من بنيهم واصلابهم من عبَادَة الْمُؤمنِينَ وان اكثرهم آمن بعد ذَلِك بِغَيْر الايات الَّتِي اقترحوها فَكَانَ عدم إِنْزَال الايات الْمَطْلُوبَة من تَمام حِكْمَة الرب وَرَحمته واحسانه بِخِلَاف الْحجَج فانها لم تزل متتابعة يَتْلُو بَعْضهَا بَعْضًا وَهِي كل يَوْم فِي مزِيد وَتُوفِّي رَسُول الله وَهِي اكثر مَا كَانَت وَهِي بَاقِيَة الى يَوْم الْقِيَامَة وَقَوله اولئك الاقلون عددا الاعظمون عِنْد الله قدرا يَعْنِي هَذَا الصِّنْف من النَّاس اقل الْخلق عددا وَهَذَا سَبَب غربتهم فانهم قَلِيلُونَ فِي النَّاس وَالنَّاس على خلاف طريقهم فَلهم نبأ وَلِلنَّاسِ نبأ قَالَ النَّبِي بَدَأَ الاسلام غَرِيبا وَسَيَعُودُ غَرِيبا كَمَا بدا فطوبى للغرباء فالمؤمنون قَلِيل فِي النَّاس وَالْعُلَمَاء قَلِيل فِي الْمُؤمنِينَ وَهَؤُلَاء قَلِيل فِي الْعلمَاء وَإِيَّاك ان تغتر بِمَا يغتر بِهِ الجاهلون فانهم يَقُولُونَ لَو كَانَ هَؤُلَاءِ على حق لم يَكُونُوا اقل النَّاس عددا وَالنَّاس على خلافهم فَاعْلَم ان هَؤُلَاءِ هم النَّاس وَمن خالفهم فمشبهون بِالنَّاسِ وَلَيْسوا بناس فَمَا النَّاس الا اهل الْحق وَإِن كَانُوا اقلهم عددا قَالَ ابْن مَسْعُود لَا يكن احدكم إمعة يَقُول انا مَعَ النَّاس ليوطن احدكم نَفسه على ان يُؤمن وَلَو كفر النَّاس وَقد ذمّ سُبْحَانَهُ الاكثرين فِي غير مَوضِع كَقَوْلِه وان تُطِع اكثر من فِي الارض يضلوك عَن سَبِيل الله {وَقَالَ} وَمَا أَكثر النَّاس وَلَو حرصت بمؤمنين {وَقَالَ} وَقَلِيل من عبَادي الشكُور {وَقَالَ} وان كثيرا من الخلطاء ليبغى بَعضهم على بعض الا الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات وَقَلِيل مَا هم وَقَالَ بعض العارفين انفرادك فِي طَرِيق طَلَبك دَلِيل على صدق الطّلب

مت بداء الْهوى والا فخاطر ... واطرق الْحَيّ والعيون نواظر

لَا تخف وَحْشَة الطَّرِيق اذا سر ... ت وَكن فِي خفارة الْحق سَائِر وَقَوله بهم يدْفع الله عَن حججه حَتَّى يؤدوها الى نظرائهم ويزرعوها فِي قُلُوب اشباههم وَهَذَا لَان الله سُبْحَانَهُ ضمن حفظ حجه وبيناته وَاخْبَرْ رَسُول الله انه

<<  <  ج: ص:  >  >>