للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرصد الممتحن المأموني فِي البروج دَرَجَات وَمن الرصد الحاكمي دقائق وسلك فِي الْأَحْكَام طرقا غير الطّرق الْمَعْهُودَة مِنْهُ الْيَوْم وَزعم أَن عَلَيْهَا الْمعول وَأَن طرق من تقدمه لَيست بِشَيْء وَلَو حدث فِي هَذَا الْعَصْر من يشبه من تقدمه لرأينا اخْتِلَافا آخر وَلَكِن هَذِه الصِّنَاعَة قد مَاتَت وَلم يبْق بأيدي المنتسبين إِلَيْهَا إِلَّا تَقْلِيد هَؤُلَاءِ الضلال فِيمَا فهموه من كَلَامهم الْبَاطِل وَمَا لم يفهموه مِنْهُ فقد يظنون أَنه صَحِيح وَلَكِن إفهامهم نبت عَنهُ وَهَذَا شَأْن جَمِيع أهل الضلال مَعَ رُؤَسَائِهِمْ ومتبوعيهم فجهال النَّصَارَى إِذا ناظرهم الموحد فِي تثليثهم وتناقضه وتكاذبه قَالُوا الْجَواب على القسيس والقسيس يَقُول الْجَواب على المطران والمطران يحِيل الْجَواب على البترك والبترك على الأسقف والأسقف على الْبَاب وَالْبَاب على الثلاثمائة وَالثَّمَانِيَة عشر أَصْحَاب الْمجمع الَّذِي اجْتَمعُوا فِي عهد قسطنطين وَوَضَعُوا لِلنَّصَارَى هَذَا التَّثْلِيث والشرك المناقض للعقول والأديان ولعلهم عِنْد الله أحسن حَالا من أَكثر الْقَائِلين بِأَحْكَام النُّجُوم الْكَافرين بِرَبّ الْعَالمين وَمَلَائِكَته وَكتبه وَرُسُله وَالْيَوْم الآخر

فصل وَرَأَيْت لبَعض فضلائهم وَهُوَ أَبُو الْقَاسِم عِيسَى بن عَليّ بن عِيسَى رِسَالَة

بليغة فِي الرَّد عَلَيْهِم وإبداء تناقضهم كتبهَا لما بَصَره الله رشده واراه بطلَان مَا عَلَيْهِ هَؤُلَاءِ الضلال الْجُهَّال كتبهَا نصيحة لبَعض إخوانه فَأَحْبَبْت أَن أوردهَا بلفظها وان تَضَمَّنت بعض الطول والتكرار وأتعقب بعض كَلَامه بتقرير مَا يحْتَاج إِلَى تَقْرِير وسؤال يُورد عَلَيْهِ ويطعن بِهِ على كَلَامه ثمَّ بِالْجَوَابِ عَنهُ ليَكُون قُوَّة للمسترشد وبيانا للمتحير وتبصرة للمهتدي ونصيحة لأخواني الْمُسلمين وَهَذَا أَولهَا

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم عصمك الله من قبُول المحالات واعتقاد مَا لم تقم عَلَيْهِ الدلالات وضاعف لَك الْحَسَنَات وَكَفاك الْمُهِمَّات بمنه وَرَحمته كنت أدام الله توفيقك وتسديدك ذكرت لي اهتمامك بِمَا قد لهج بِهِ وُجُوه أهل زَمَاننَا من النّظر فِي الْأَحْكَام النُّجُوم وتصديق كل مَا يَأْتِي من أدعى أَنه عَارِف بهَا من علم الْغَيْب الَّذِي تفرد الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِهِ وَلم يَجعله لأحد من الْأَنْبِيَاء وَالْمُرْسلِينَ وَلَا مَلَائكَته المقربين وَلَا عباده الصَّالِحين من معرفَة طَوِيل الْأَعْمَار وقصيرها وَحميد العواقب وذميمها وَسَائِر مَا يَتَجَدَّد وَيحدث ويتخوف ويتمنى وسألنى أَن اعْمَلْ كتابا أذكر فِيهِ بعض مَا وَقع من اخْتلَافهمْ فِي أصُول الْأَحْكَام الدَّالَّة على وهمهم قبح اعْتِقَادهم وَمَا يسْتَدلّ بِهِ من طَرِيق النّظر وَالْقِيَاس على ضعف مَذْهَبهم وألخص ذَلِك وَاخْتَصَرَهُ واقربه بِحَسب الوسع والطاقة فوعدتك بذلك وَقد ضمنته كتابي هَذَا وَالله أسأَل

<<  <  ج: ص:  >  >>