معاملتهما وتشتد الْحَاجة الى تَمْيِيز الْمُسْتَحق مِنْهُمَا والمؤاخذ بِذَنبِهِ وَمن عَلَيْهِ الْحق وَإِذا كَانَ هَذَا يعرض فِي التشابه فِي الاسماء كثيرا ويلقى الشَّاهِد وَالْحَاكِم من ذَلِك مَا يلقى فَمَا الظَّن لَو وضع التشابه فِي الْخلقَة وَالصُّورَة وَلما كَانَ الْحَيَوَان البهيم وَالطير والوحوش لَا يَضرهَا هَذَا التشابه شَيْئا لم تدع الْحِكْمَة الى الْفرق بَين كل زَوْجَيْنِ مِنْهَا فَتَبَارَكَ الله احسن الْخَالِقِينَ الَّذِي وسعت حكمته كل شَيْء
فصل ثمَّ تَأمل لم صَارَت الْمَرْأَة وَالرجل إِذا ادركا اشْتَركَا فِي نَبَات
الْعَانَة ثمَّ ينْفَرد الرجل عَن الْمَرْأَة باللحية فَإِن الله عز وَجل لما جعل الرجل قيمًا على الْمَرْأَة وَجعلهَا كالخول لَهُ والعاني فِي يَدَيْهِ ميزه عَلَيْهَا بِمَا فِيهِ لَهُ المهانة والعز وَالْوَقار وَالْجَلالَة لكماله وَحَاجته الى ذَلِك ومنعتها الْمَرْأَة لكَمَال الِاسْتِمْتَاع بهَا والتلذذ لتبقى نضارة وَجههَا وَحسنه لَا يشينه الشّعْر واشتراكا فِي سَائِر الشُّعُور للحكمة وَالْمَنْفَعَة الَّتِي فِيهَا
فصل ثمَّ تَأمل هَذَا الصَّوْت الْخَارِج من الْحلق وتهيئة آلاته وَالْكَلَام
وانتظامه والحروف ومخارجها وأدواتها ومقاطعها واجراسها تَجِد الْحِكْمَة الباهرة فِي هَوَاء ساذج يخرج من الْجوف فيسلك فِي أنبوبة الحنجرة حَتَّى يَنْتَهِي الى الْحلق وَاللِّسَان والشفتين والاسنان فَيحدث لَهُ هُنَاكَ مقاطع ونهايات وأجراس يسمع لَهُ عِنْد كل مقطع وَنِهَايَة جرس مُبين مُنْفَصِل عَن الاخر يحدث بِسَبَبِهِ الْحَرْف فَهُوَ صَوت وَاحِد ساذج يجرى فِي قَصَبَة وَاحِدَة حَتَّى يَنْتَهِي الى مقاطع وحدود تسمع لَهُ مِنْهَا تِسْعَة وَعشْرين حرفا يَدُور عَلَيْهَا الْكَلَام كُله امْرَهْ وَنَهْيه وَخَبره واستخباره ونظمه ونثرة وخطبه ومواعظه وفضوله فَمِنْهُ المضحك وَمِنْه المبكي وَمِنْه المؤيس وَمِنْه المطمع وَمِنْه الْمخوف وَمِنْه المرجي والمسلى والمحزن والقابض للنَّفس والجوارح والمنشط لَهَا وَالَّذِي يسقم الصَّحِيح وَيُبرئ السقيم وَمِنْه مَا يزِيل النعم وَيحل النقم وَمِنْه مَا يستدفع بِهِ الْبلَاء ويستجلب بِهِ النعماء وتستمال بِهِ الْقُلُوب ويؤلف بِهِ بَين المتباغضين ويوالي بِهِ بَين المتعاديين وَمِنْه مَا هُوَ بضد ذَلِك وَمِنْه الْكَلِمَة الَّتِي لَا يلقى لَهَا صَاحبهَا بَالا يهوى بهَا فِي النَّار ابعد مَا بَين الْمشرق وَالْمغْرب والكلمة الَّتِي لَا يلقى لَهَا بَالا صَاحبهَا يرْكض بهَا فِي أعلا عليين فِي جوَار رب الْعَالمين فسبحان من أنشأ ذَلِك كُله من هَوَاء ساذج يخرج من الصَّدْر لَا يدْرِي مَا يُرَاد بِهِ وَلَا أَيْن يَنْتَهِي وَلَا أَيْن مستقره هَذَا الى مَا فِي ذَلِك من اخْتِلَاف الالسنة واللغات الَّتِي لَا يحصيها الا الله فيجتمع الْجمع من النَّاس من بِلَاد شَتَّى فيتكلم كل مِنْهُم بلغته
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute