للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من غير معاداة بَينهم وَلَا أَذَى من بَعضهم لبَعض بل يصيرون يدا وَاحِدَة وجندا وَاحِدًا

فصل وَمن اعْجَبْ امرها مَالا يَهْتَدِي لَهُ اكثر النَّاس ولايعرفونه وَهُوَ

النِّتَاج الَّذِي يكون لَهَا هَل هُوَ على وَجه الْولادَة والتوالد اَوْ الاستحالة فَقل من يعرف ذَلِك اَوْ يفْطن لَهُ وَلَيْسَ نتاجها على وَاحِد من هذَيْن الْوَجْهَيْنِ وَإِنَّمَا نتاجها بِأَمْر من اعْجَبْ العجيب فَإِنَّهَا إِذا ذهبت الى المرعي أخذت تِلْكَ الاجزاء الصافية الَّتِي على الْوَرق من الْورْد والزهر والحشيش وَغَيره وَهِي الطل فتمصها وَذَلِكَ مَادَّة الْعَسَل ثمَّ انها تكبس الاجزاء المنعقدة على وَجه الورقة وتعقدها على رجلهَا كالعدسة فتملأ بهَا المسدسات الفارغة من الْعَسَل ثمَّ يقوم يعسوبها على بَيته مبتدئا مِنْهُ فينفخ فِيهِ ثمَّ يطوف على تِلْكَ الْبيُوت بَيْتا بَيْتا وينفخ فِيهَا كلهَا فتدب فِيهَا الْحَيَاة بِإِذن الله عز وَجل فتتحرك وَتخرج طيورا بِإِذن الله وَتلك احدى الايات والعجائب الَّتِي قل من يتفطن لَهَا وَهَذَا كُله من ثَمَرَة ذَلِك الْوَحْي الالهي افادها واكسبها هَذَا التَّدْبِير وَالسّفر والمعاش وَالْبناء والنتاج فسل الْمُعَطل من الَّذِي اوحى اليها امرها وَجعل مَا جعل فِي طباعها وَمن الَّذِي سهل لَهَا سبله ذللا منقادة لَا تستعصي عَلَيْهَا وَلَا تستوعرها وَلَا تضل عَنْهَا على بعْدهَا وَمن الَّذِي هداها لشأنها وَمن الَّذِي أنزل لَهَا من الطل مَا إِذا جنته ردته عسلا صافيا مُخْتَلفا الوانه فِي غَايَة الْحَلَاوَة واللذاذة وَالْمَنْفَعَة من بَين ابيض يرى فِيهِ الْوَجْه اعظم من رُؤْيَته فِي الْمرْآة وسمه لي من جَاءَ بِهِ وَقَالَ هَذَا افخر مَا يعرف النَّاس من الْعَسَل وأصفاه وأطيبه فَإِذا طعمه الذ شَيْء يكون من الْحَلْوَى وَمن بَين احمر واخضر ومورد واسود وأشقر وَغير ذَلِك من الالوان والطعوم الْمُخْتَلفَة فِيهِ بِحَسب مراعيه ومادتها وَإِذا تَأَمَّلت مَا فِيهِ من الْمَنَافِع والشفاء ودخوله فِي غَالب الادوية حَتَّى كَانَ المتقدمون لَا يعْرفُونَ السكر وَلَا هُوَ مَذْكُور فِي كتبهمْ اصلا وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي يستعملونه فِي الادوية هُوَ الْعَسَل وَهُوَ الْمَذْكُور فِي كتب الْقَوْم ولعمر الله أَنه لانفع من السكر وأجدى واجلى للاخلاط وأقمع لَهَا واذهب لضررها واقوى للمعدة واشد تفريحا للنَّفس وتقوية للأرواح وتنفيذا للدواء وإعانة لَهُ على اسْتِخْرَاج الدَّاء من اعماق الْبدن وَلِهَذَا لم يَجِيء فِي شَيْء من الحَدِيث قطّ ذكر السكر وَلَا كَانُوا يعرفونه اصلا وَلَو عدم من الْعَالم لما احْتَاجَ اليه وَلَو عدم الْعَسَل لاشتدت الْحَاجة اليه وَإِنَّمَا غلب على بعض المدن اسْتِعْمَال السكر حَتَّى هجروا الْعَسَل واستطابوه عَلَيْهِ ورأوه اقل حِدة وحرارة مِنْهُ وَلم يعلمُوا ان من مَنَافِع الْعَسَل مَا فِيهِ من الحدة والحرارة فَإِذا لم يُوَافق من يَسْتَعْمِلهُ كسرهَا بمقابلها فَيصير انفع لَهُ من السكر وسنفرد إِن شَاءَ الله مقَالَة نبين فِيهَا فضل الْعَسَل على

<<  <  ج: ص:  >  >>