الى مُرَاجعَة قربهَا من رَبهَا فَهِيَ مِمَّن إِذا غَابَ لم يطْلب وَإِذا ابق لم يسترجع وَإِذا جنى لم يتعتب وَهَذِه هِيَ النُّفُوس الَّتِي لم تؤهل لما هُنَالك وبحسب الْمُعْتَرض هَذَا الحرمان فَإِنَّهُ يَكْفِيهِ وَذَلِكَ ذَنْب عِقَابه فِيهِ
فصل وَمِنْهَا ان الْحِكْمَة الالهية اقْتَضَت تركيب الشَّهْوَة وَالْغَضَب فِي الانسان
وَهَاتَانِ القوتان فِيهِ بِمَنْزِلَة صِفَاته الذاتية لَا يَنْفَكّ عنهماوبهما وَقعت المحنة والابتلاء وَعرض لنيل الدَّرَجَات العلى واللحاق بالرفيق الاعلى والهبوط الى اسفل سافلين فهاتان القوتان لَا يدعان العَبْد حَتَّى ينيلانه منَازِل الابرار اَوْ يضعانه تَحت اقدام الأشرار وَلنْ يَجْعَل الله من شَهْوَته مصروفة الى مَا اعد لَهُ فِي دَار النَّعيم وغضبه حمية لله ولكتابه وَلِرَسُولِهِ ولدينه كمن جعل شَهْوَته مصروفة فِي هَوَاهُ وامانيه العاجلة وغضبه مَقْصُور على حَظه وَلَو انتهكت محارم الله وحدوده وعطلت شرائعه وسننه بعد ان يكون هُوَ ملحوظا بِعَين الاحترام والتعظيم والتوقير ونفوذ الْكَلِمَة وَهَذِه حَال اكثر الرؤساء اعاذنا الله مِنْهَا فَلَنْ يَجعله الله هذَيْن الصِّنْفَيْنِ فِي دَار وَاحِدَة فَهَذَا صعد بشهوته وغضبه الى اعلى عليين وَهَذَا هوى بهما الى أَسْفَل سافلين وَالْمَقْصُود ان تركيب الانسان على هَذَا الْوَجْه هوغاية الْحِكْمَة وَلَا بُد ان يَقْتَضِي كل وَاحِد من القوتين اثره فَلَا بُد من وُقُوع الذَّنب والمخالفات والمعاصي فَلَا بُد من ترَتّب آثَار هَاتين القوتين عَلَيْهِمَا وَلَو لم يخلقا فِي الانسان لم يكن انسانا بل كَانَ ملكا فالترتب من مُوجبَات الانسانية كَمَا قَالَ النَّبِي كل بني آدم خطاء وَخير الْخَطَّائِينَ التوابون فَأَما من اكتنفته الْعِصْمَة وَضربت عَلَيْهِ سرادقات الْحِفْظ فهم اقل افراد النَّوْع الانساني وهم خلاصته ولبه
فصل وَمِنْهَا ان الله سُبْحَانَهُ إِذا أَرَادَ بِعَبْدِهِ خيرا انساه رُؤْيَة طاعاته
ورفعها من قلبه وَلسَانه فَإِذا ابتلى بالذنب جعله نصب عَيْنَيْهِ ونسى طاعاته وَجعل همه كُله بِذَنبِهِ فَلَا يزَال ذَنبه امامه ان قَامَ اَوْ قعد اَوْ غَدا اَوْ رَاح فَيكون هَذَا عين الرَّحْمَة فِي حَقه كَمَا قَالَ بعض السّلف ان العَبْد ليعْمَل الذَّنب فَيدْخل بِهِ الْجنَّة وَيعْمل الْحَسَنَة فَيدْخل بهَا النارقالوا وَكَيف ذَلِك قَالَ يعْمل الْخَطِيئَة فلاتزال نصب عَيْنَيْهِ كلما ذكرهَا بَكَى وَنَدم وَتَابَ واستغفر وتضرع وأناب الى الله وذل لَهُ وانكسر وَعمل لَهَا اعمالا فَتكون سَبَب الرَّحْمَة فِي حَقه وَيعْمل الْحَسَنَة فلاتزال نصب عَيْنَيْهِ يمن بهَا ويراها ويعتد بهَا على ربه وعَلى الْخلق ويتكبر بهَا ويتعجب من النَّاس كَيفَ لَا يعظمونه ويكرمونه ويجلونه عَلَيْهَا فَلَا تزَال هَذِه الامور بِهِ حَتَّى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute