اليهما وَهَذَا يهيج الدَّم وَهَذَا يسكنهُ وَهَذَا ينوم وَهَذَا يمْنَع النّوم وَهَذَا يفرح وَهَذَا يجلب الْغنم الى غير ذَلِك من عجائب النَّبَات الَّتِي لَا تكَاد تَخْلُو ورقة مِنْهُ ولاعرق وَلَا ثَمَرَة من مَنَافِع تعجز عقول الْبشر عَن الاحاطة بهَا وتفصيلها وَانْظُر الى مجاري المَاء فِي تِلْكَ الْعُرُوق الرقيقة الضئيلة الضعيفة الَّتِي لَا يكَاد الْبَصَر يُدْرِكهَا إِلَّا بعد تحديقه كَيفَ يقوى قسره واجتذابه من مقره ومركزه الى فَوق ثمَّ ينْصَرف فِي تِلْكَ المجاري بِحَسب قبُولهَا وسعتها وضيقها ثمَّ تتفرق وتتشعب وتدق الى غَايَة لَا ينالها الْبَصَر ثمَّ انْظُر الى تكون حمل الشَّجَرَة ونقلته من حَال الى حَال كتنقل احوال الْجَنِين المغيب عَن الابصار ترى الْعجب العجاب فَتَبَارَكَ الله رب الْعَالمين واحسن الْخَالِقِينَ بَينا ترَاهَا حطبا قَائِما عَارِيا لَا كسْوَة عَلَيْهَا إِذْ كاسها رَبهَا وخالقها من الزهر احسن كسْوَة ثمَّ سلبها تِلْكَ السكوة وَكَسَاهَا من الْوَرق كسْوَة هِيَ اثْبتْ من الاولى ثمَّ اطلع فِيهَا حملهَا ضَعِيفا ضئيلا بعد ان اخْرُج وَرقهَا صِيَانة وثوبا لتِلْك الثَّمَرَة الضعيفة لتستجب بِهِ من الْحر وَالْبرد والافات ثمَّ سَاق الى تِلْكَ الثِّمَار رزقها وغذاها فِي تِلْكَ الْعُرُوق والمجاري فتغذت بِهِ كَمَا يتغذى الطِّفْل بلبان امهِ ثمَّ رباها ونماها شَيْئا فَشَيْئًا حَتَّى اسْتَوَت وكملت وتناهى ادراكها فَأخْرج ذَلِك الجني اللذيذ اللين من تِلْكَ الحطبة الصماء هَذَا وَكم لله من آيَة فِي كل مَا يَقع الْحس عَلَيْهِ ويبصره الْعباد وَمَا لايبصرونه تفنى الاعمار دون الاحاطة بهَا وَجَمِيع تفاصيلها
فصل وَمن آيَاته سُبْحَانَهُ تَعَالَى اللَّيْل وَالنَّهَار وهما من اعْجَبْ آيَاته
وبدائع مصنوعاته وَلِهَذَا يُعِيد ذكرهمَا فِي الْقُرْآن ويبديه كَقَوْلِه تَعَالَى {وَمن آيَاته اللَّيْل وَالنَّهَار} وَقَوله وَهُوَ الَّذِي جعل اللَّيْل لباسا وَالنَّوْم سباتا وَجعل النَّهَار نشورا وَقَوله عز وَجل {وَهُوَ الَّذِي خلق اللَّيْل وَالنَّهَار وَالشَّمْس وَالْقَمَر كل فِي فلك يسبحون} وَقَوله عز وَجل {الله الَّذِي جعل لكم اللَّيْل لتسكنوا فِيهِ وَالنَّهَار مبصرا} وَهَذَا كثير فِي الْقُرْآن فَانْظُر الى هَاتين الايتين وَمَا تضمنتاه من العبر والدلالات على ربوبية الله وحكمته كَيفَ جعل اللَّيْل سكنا ولباسا يغشى الْعَالم فتسكن فِيهِ الحركات وتأوى الْحَيَوَانَات الى بيوتها وَالطير الى اوكارها وتستجم فِيهِ النُّفُوس وتستريح من كد السَّعْي والتعب حَتَّى إِذا اخذت مِنْهُ النُّفُوس راحتها وسباتها وتطلعت الى معايشها وتصرفها جَاءَ فالق الاصباح سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِالنَّهَارِ يقدم جَيْشه بشير الصَّباح فَهزمَ تِلْكَ الظلمَة ومزقها كل ممزق وكشفها عَن الْعَالم فَإِذا هم مبصرون فانتشر الْحَيَوَان وَتصرف فِي معاشه ومصالحه وَخرجت الطُّيُور من اوكارها فياله من معاد ونشأة دَال على قدرَة الله سُبْحَانَهُ على الْمعَاد الاكبر وتكرره
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute