يمكننا رؤيتها مَعَ الْبعد المفرط وَلَوْلَا ذَلِك لم يحصل لنا الاهتداء وَالدّلَالَة وَمَعْرِفَة الْمَوَاقِيت ثمَّ تَأمل تسخيرها منقادة بامر رَبهَا تبَارك وَتَعَالَى جَارِيَة على سنَن وَاحِد اقتضتحكمته وَعلمه ان لَا تخرج عَنهُ فَجعل مِنْهَا البروج والمنازل والثوابت والسيارة والكبار وَالصغَار والمتوسط والابيض الازهر والابيض الاحمر وَمِنْهَا مَا يخفى على النَّاظر فَلَا يُدْرِكهُ وَجعل منْطقَة البروج قسمَيْنِ مُرْتَفعَة ومنخفضة وَقدر سَيرهَا تَقْديرا وَاحِدًا وَنزل الشَّمْس وَالْقَمَر والسيارات مِنْهَا منازلها فَمِنْهَا مَا يقطعهَا فِي شهر وَاحِد وَهُوَ الْقَمَر وَمِنْهَا مَا يقطعهَا فِي عَام وَمِنْهَا مَا يقطعهَا فِي عدَّة اعوام كل ذَلِك مُوجب الْحِكْمَة والعناية وَجعل ذَلِك اسباب لما يحدثه سُبْحَانَهُ فِي هَذَا الْعَالم فيستدل بهَا النَّاس على تِلْكَ الْحَوَادِث الَّتِي تقارنها كمعرفتهم بِمَا يكون مَعَ طُلُوع الثريا إِذا طلعت وغروبها إِذا سَقَطت من الْحَوَادِث الَّتِي تقارنها وَكَذَلِكَ غَيرهَا من الْمنَازل والسيارات ثمَّ تَأمل جعله سُبْحَانَهُ بَنَات نعش وَمَا قرب مِنْهَا ظَاهِرَة لَا تغيب لقربها من المركز وَلما فِي ذَلِك من الْحِكْمَة الالهية وانها بِمَنْزِلَة الاعلام الَّتِي يَهْتَدِي بهَا النَّاس فِي الطّرق المجهولة فِي الْبر وَالْبَحْر فهم ينظرُونَ اليها وَإِلَى الجدي والفرقدين كل وَقت ارادوا فيهتدون بهَا حَيْثُ شاؤا
فصل ثمَّ تَأمل اخْتِلَاف سير الْكَوَاكِب وَمَا فِيهِ من الْعَجَائِب كَيفَ تَجِد بَعْضهَا لَا
يسير إِلَّا مَعَ رفقته لَا يفرد عَنْهُم سيره ابدا بل لَا يَسِيرُونَ الا جَمِيعًا وَبَعضهَا يسير سيرا مُطلقًا غير مُقَيّد برفيق وَلَا صَاحب بل إِذا اتّفق لَهُ مصاحبته فِي منزل وَافقه فِيهِ لَيْلَة وفارقه اللَّيْلَة الاخرى فَبينا ترَاهُ ورفيقه وقرينه إِذْ رايتهما مفترقين متابعدين كَأَنَّهُمَا لم يتصاحبا قطّ وَهَذِه السيارة لَهَا فِي سَيرهَا سيران مُخْتَلِفَانِ غَايَة الِاخْتِلَاف سير عَام يسير بهَا فلكها وسير خَاص تسير هِيَ فِي فلكها كَمَا شبهوا ذَلِك بنملة تدب على رحى ذَات الشمَال والرحى تَأْخُذ ذَات الْيَمين فللنملة فِي ذَلِك حركتان مُخْتَلِفَتَانِ الى جِهَتَيْنِ متاينتين احداهما بِنَفسِهَا والاخرى مُكْرَهَة عَلَيْهَا تبعا للرحى تجذبها الى غير جِهَة مقصدها وَبِذَلِك يَجْعَل التَّقْدِيم فِيهَا كل منزلَة الى جِهَة الشرق ثمَّ يسير فلكها وبمنزلتها الى جِهَة الغرب فسل الزَّنَادِقَة والمعطلة أَي طبيعة اقْتَضَت هَذَا واي فلك اوجبه وهلا كَانَت كلهَا راتبه اَوْ منتقلة اَوْ على مِقْدَار وَاحِد وشكل وَاحِد وحركة وَاحِدَة وجريان وَاحِد وَهل هَذَا الا صنع من بهرت الْعُقُول حكمته وَشهِدت مصنوعاته ومتبدعاته بانه الْخَالِق البارئ المصور الَّذِي لَيْسَ كمثله شَيْء احسن كل شَيْء خلقه واتقن كل مَا صنعه وانه الْعَلِيم الْحَكِيم الَّذِي خلق فسوى وَقدر فهدى وان هَذِه احدى آيَاته الدَّالَّة عَلَيْهِ وعجائب مصنوعاته الموصلة للأفكار إِذا سَافَرت فِيهَا اليه وَأَنه خلق مسخر مربوب مُدبر ان ربكُم الله الَّذِي خلق السَّمَوَات
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute