وَكَانَ تَركهم لهَذِهِ الْمُقَاتلَة خيرا لَهُم مِنْهَا فانهم لَا للتوحيد وَالْإِسْلَام نصروا وَلَا لأعدائه كسروا وَالله الْمُسْتَعَان وَعَلِيهِ التكلان
فصل فلنرجع إِلَى كَلَام صَاحب الرسَالَة قَالَ زَعَمُوا أَن الْقَمَر والزهرة
مؤنثان وان الشَّمْس وزحل والمشترى والمريخ مذكرة وان عُطَارِد ذكر أُنْثَى مشارك للجنسين جَمِيعًا وان سَائِر الْكَوَاكِب تذكر وتؤنث بِسَبَب الأشكال الَّتِي تكون لَهَا بِالْقِيَاسِ إِلَى الشَّمْس وَذَلِكَ أَنَّهَا إِذا كَانَت مشرقة مُتَقَدّمَة للشمس فَهِيَ مذكرة وان كَانَت مغربة تَابِعَة كَانَت مُؤَنّثَة وان ذَلِك أَيْضا يكون بِالْقِيَاسِ إِلَى اشكالها إِلَى الْأُفق وَذَلِكَ أَنَّهَا إِذا كَانَت فِي الأشكال الَّتِي من الْمشرق الى وسط السَّمَاء مِمَّا تَحت الارض فَهِيَ مذكرة لِأَنَّهَا إِذا كَانَت شرقية فَهِيَ من نَاحيَة مهب الصِّبَا وَإِذا كَانَت فِي الربعين الباقيين فَهِيَ مُؤَنّثَة لانها فِي نَاحيَة مهب الدبور وَإِذا كَانَ هَذَا هَكَذَا صَارَت الْكَوَاكِب الَّتِي يُقَال إِنَّهَا مُؤَنّثَة مذكرة وَالَّتِي يُقَال أَنَّهَا مذكرة مُؤَنّثَة وَصَارَت طباعها مستحيلة بل تصير أعيانها تنْقَلب وَأَن الْقَمَر والزهرة مؤنثتان وَالْكَوَاكِب الْخَمْسَة الْبَاقِيَة مذكرة على الْوَضع الاول فَإِن تقدم الْقَمَر والزهرة الشَّمْس وَكَانَا شرقيين صَارا مذكرين وَإِن تَأَخَّرت الْكَوَاكِب الْخَمْسَة وَكَانَت مغربة تَابِعَة كَانَت مُؤَنّثَة على الْمَوْضُوع الثَّانِي وَيصير عُطَارِد ذكرا إِذا شَرق أُنْثَى إِذا غرب وذكرا أُنْثَى إِذا لم يكن بِأحد هَاتين الصفتين
قلت وَقد أجَاب بعض فضلائهم عَن هَذَا الْإِلْزَام فَقَالَ لَيْسَ ذَلِك بممكن لأَنا قد نقُول إِن الأدكن أَبيض إِذا قسناه إِلَى الْأسود ونقول إِنَّه أسود إِذا قسناه إِلَى الابيض وَهُوَ شَيْء وَاحِد بِعَيْنِه مرّة يكون اسود وَمرَّة يكون أَبيض وَهُوَ فِي نَفسه لَا اسود وَلَا أَبيض وَكَذَلِكَ الْكَوَاكِب يُقَال أَنَّهَا ذكران وإناث بِالْقِيَاسِ إِلَى الأشكال أَعنِي الْجِهَات والجهات إِلَى الرِّيَاح والرياح إِلَى الكيفيات لِأَنَّهَا ذكران وإناث وَهَذَا تلبيس مِنْهُ فان الأدكن فِيهِ شَائِبَة الْبيَاض والسواد فَلذَلِك صدق عَلَيْهِ اسمهما لِأَن الكيفيتين محسوستان فِيهِ فتكيفه بهما أوجب أَن يُقَال عَلَيْهِ الاسمان وَأما تَقْسِيم الْكَوَاكِب إِلَى الذُّكُور وَالْإِنَاث فَهِيَ قسْمَة وضعتم فِيهَا تَمْيِيز كل نوع عَن الآخر بحقيقته وطبيعته وقلتم البروج تَنْقَسِم إِلَى ذُكُور وإناث قسْمَة تميز فِيهَا قسم عَن قسم لَا أَن حَقِيقَتهَا متركبة من طبيعتين ذكورية وأنوثية بِحَيْثُ يصدقان على كل برج برج فنظير مَا ذكرْتُمْ من الأدكن أَن يكون كل برج ذكرا وَأُنْثَى فَأَيْنَ أحد الْبَابَيْنِ من الآخر لَوْلَا التلبيس والمحال وَأَيْضًا فانقسامها إِلَى الذُّكُور وَالْإِنَاث انقسام بِحَسب الطبيعة والتأثير والتأثر الَّذِي هُوَ الْفِعْل والانفعال وَمَا كَانَ كَذَلِك لم تنْقَلب حَقِيقَته وطبيعته بِحَسب الْموضع والقرب والبعد قَالَ صَاحب الرسَالَة وَزَعَمُوا أَن الْقَمَر مُنْذُ الْوَقْت الَّذِي يهل فِيهِ إِلَى وَقت انتصافه الأول فِي الضَّوْء يكون فَاعِلا للرطوبة خَاصَّة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute