للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كل شَيْء فأخرجنا مِنْهُ خضرًا فنخرج مِنْهُ حبا متراكبا وَمن النّخل من طلعها قنوان دانية وجنات من اعناب وَالزَّيْتُون وَالرُّمَّان مشتبها وَغير متشابه انْظُرُوا الى ثمره إِذا اثمر وينعه فَأمر سُبْحَانَهُ بِالنّظرِ اليه وَقت خُرُوجه وإثماره وَوقت نضجه وإدراكه يُقَال اينعت الثِّمَار إِذا نَضِجَتْ وَطَابَتْ لَان فِي خُرُوجه من بَين الْحَطب وَالْوَرق آيَة باهرة وقدرة بَالِغَة ثمَّ فِي خُرُوجه من حدالعفوصة واليبوسة والمرارة والحموضة الى ذَلِك اللَّوْن الْمشرق الناصع والطعم الحلو اللذيذ الشهي لايات لقوم يُؤمنُونَ وَقَالَ بعض السّلف حق على النَّاس ان يخرجُوا وَقت إِدْرَاك الثِّمَار وينعها فينظروا اليها ثمَّ تلِي {انْظُرُوا إِلَى ثمره إِذا أثمر وينعه} وَلَو اردنا نستوعب مَا فِي آيَات الله الْمَشْهُورَة من الْعَجَائِب والدلالات الشاهدة لله بَان الله الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الَّذِي لَيْسَ كمثله شَيْء وَإنَّهُ الَّذِي لَا أعظم مِنْهُ وَلَا أكمل مِنْهُ وَلَا ابر وَلَا ألطف لعجزنا نَحن والاولون والاخرون عَن معرفَة أدنى عشر معشار ذَلِك وَلَكِن مَالا يدْرك جَمِيعه لَا يَنْبَغِي ترك التَّنْبِيه على بعض مَا يسْتَدلّ بِهِ على ذَلِك وَهَذَا حِين الشُّرُوع فِي الْفُصُول

فصل تامل الْعبْرَة فِي مَوضِع هَذَا الْعَالم وتاليف أَجْزَائِهِ ونظمها على احسن

نظام وأدلة على كَمَال قدرَة خالقه وَكَمَال علمه وَكَمَال حكمته وَكَمَال لطفه فَإنَّك إِذا تَأَمَّلت الْعَالم وجدته كالبيت الْمَبْنِيّ الْمعد فِيهِ جَمِيع آلاته ومصالحه وكل مَا يحْتَاج اليه فالسماء سقفه الْمَرْفُوع عَلَيْهِ والارض مهاد وبساط وفراش ومستقر للساكن وَالشَّمْس وَالْقَمَر سرجان يزهران فِيهِ والنجوم مصابيح لَهُ وزينة وأدلة للمنتقل فِي طرق هَذِه الدَّار والجواهر والمعادنمخزونة فِيهِ كالذخائر والحواصل الْمعدة المهيأة كل شَيْء مِنْهَا لشأنه الَّذِي يصلح لَهُ وضروب النَّبَات مُهَيَّأ لمآربه وصنوف الْحَيَوَان مصروفة لمصالحه فَمِنْهَا الرّكُوب وَمِنْهَا الحلوب وَمِنْهَا الْغذَاء وَمِنْهَا اللبَاس والامتعة والالات وَمِنْهَا الحرس الَّذِي وكل بحرس الانسان يَحْرُسهُ وَهُوَ نَائِم وقاعد مِمَّا هُوَ مستعد لاهلاكه وأذاه فلولا مَا سلط عَلَيْهِ من ضِدّه لم يقر للانسان قَرَار بَينهم وَجعل الانسان كالملك المخول فِي ذَلِك الْمُحكم فِيهِ الْمُتَصَرف بِفِعْلِهِ وَأمره فَفِي هَذَا اعظم دلَالَة واوضحها على ان الْعَالم مَخْلُوق لخالق حَكِيم قدير عليم قدره احسن تَقْدِير ونظمه احسن نظام وان الْخَالِق لَهُ يَسْتَحِيل ان يكون اثْنَيْنِ بل الاله وَاحِد لَا إِلَه إِلَّا هُوَ تَعَالَى عَمَّا يَقُول الظَّالِمُونَ والجاحدون علوا كَبِيرا وَإنَّهُ لَو كَانَ فِي السَّمَوَات والارض إِلَه غير الله لفسد امرهما واختل نظامهما وتعطلت مصالحهما وَإِذا كَانَ الْبدن يَسْتَحِيل ان يكون الْمُدبر لَهُ روحان متكافئان متساويان وَلَو كَانَ كَذَلِك لفسد وَهلك مَعَ إِمْكَان ان يكون تَحت قهر ثَالِث هَذَا من الْمحَال فِي اوائل الْعُقُول وبداية الْفطر فَلَو كَانَ فيهمَا آلِهَة إِلَّا الله لفسدتا فسبحان الله رب الْعَرْش عَمَّا يصفونَ مَا اتخذ الله من ولدوما كَانَ مَعَه من اله إِذا لذهب

<<  <  ج: ص:  >  >>