للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للمسمى الْمُنَاسب لَهَا كالصخر وَالْحجر وَإِذا تَتَابَعَت حَرَكَة الْمُسَمّى تابعوا بَين حَرَكَة اللَّفْظ كالدوران والغليان والنزوان وَإِذا تَكَرَّرت الْحَرَكَة كرروا اللَّفْظ كفلفل وزلزل ودكدك وصرصر وَإِذا اكتنز الْمُسَمّى وتجمعت أجزاؤه جعلُوا فِي أُسَمِّهِ من الضَّم الدَّال على الْجمع والاكتناز مَا يُنَاسب الْمُسَمّى كالبحتر للقصير الْمُجْتَمع الْخلق وَإِذا طَال جعلُوا فِي الْمُسَمّى من الْفَتْح الدَّال على الامتداد نَظِير مَا فِي الْمَعْنى كالعشنق للطويل ونظائر ذَلِك أَكثر من أَن تستوعب وَإِنَّمَا أَشَرنَا إِلَيْهَا أدنى إِشَارَة وَهَذَا هُوَ الَّذِي أَرَادَهُ من قَالَ بَين الِاسْم والمسمى مُنَاسبَة فَلم يفهم عَنهُ بعض الْمُتَأَخِّرين مُرَاده فَأخذ يشنع عَلَيْهِ بِأَنَّهُ لَا تناسب طبعيا بَينهمَا وَاسْتدلَّ على إِنْكَار ذَلِك بِمَا لَا طائل تَحْتَهُ فَإِن عَاقِلا لَا يَقُول أَن التناسب الَّذِي بَين الِاسْم والمسمى كالتناسب الَّذِي بَين الْعلَّة والمعلول وَإِنَّمَا هُوَ تَرْجِيح وأولوية تَقْتَضِي اخْتِصَاص الِاسْم بمسماه وَقد يتَخَلَّف عَنهُ اقتضاؤها كثيرا وَالْمَقْصُود أَن هَذِه الْمُنَاسبَة تنضم إِلَى مَا جعل الله فِي طبائع النَّاس وغرائزهم من النفرة بَين الِاسْم الْقَبِيح الْمَكْرُوه وكراهته وَتَطير أَكْثَرهم بِهِ وَذَلِكَ يُوجب عدم ملابسته ومجاوزته إِلَى غَيره فَهَذَا أصل هَذَا الْبَاب

فصل وَأما كَرَاهِيَة السّلف أَن يتبع الْمَيِّت بِشَيْء من النَّار أَو أَن يدْخل

الْقَبْر شَيْء مسته النَّار وَقَول عَائِشَة رضى الله عَنْهَا لَا يكون آخر زَاده أَن تَتبعُوهُ بالنَّار فَيجوز أَن يكون كراهتهم لذَلِك مَخَافَة الْأَحْدَاث لما لم يكن فِي عصر رَسُول الله صلى عَلَيْهِ وَسلم فَكيف وَذَلِكَ مِمَّا يُبِيح الطَّيرَة بِهِ والظنون الرديه بِالْمَيتِ وَقد قَالَ غير وَاحِد من السّلف مِنْهُم عبد الْملك بن حبيب وَغَيره إِنَّمَا كَرهُوا ذَلِك تفاؤلا بالنَّار فِي هَذَا الْمقَام أَن تتبعه

وَذكر ابْن حبيب وَغَيره أَن النَّبِي أَرَادَ أَن يصلى على جَنَازَة فَجَاءَت امْرَأَة وَمَعَهَا مجمر فَمَا زَالَ يصبح بهَا حَتَّى تَوَارَتْ بآجام الْمَدِينَة قَالَ بعض أهل الْعلم وَلَيْسَ خوفهم من ذَلِك على الْمَيِّت لَكِن على الْأَحْيَاء المجبولين على الطَّيرَة لِئَلَّا تحدثهم أنفسهم بِالْمَيتِ أَنه من أهل النَّار لما رَأَوْا من النَّار الَّتِي تتبعه فِي أول أَيَّامه من الْآخِرَة وَلَا سِيمَا فِي مَكَان يُرَاد مِنْهُم فِيهِ كَثْرَة الِاجْتِهَاد للْمَيت بِالدُّعَاءِ فَإِذا لم يبْق لَهُ زَاد غَيره فيظنون أَن تِلْكَ النَّار من بقايا زَاده إِلَى الْآخِرَة فتسوء ظنونهم بِهِ وتنفر عَن رَحمته قُلُوبهم فِي مَكَان هم فِيهِ شُهَدَاء الله كَمَا جَاءَ فِي الحَدِيث الصَّحِيح لما مر على النَّبِي بِجنَازَة فَأَثْنوا عَلَيْهَا خيرا فَقَالَ وَجَبت فَقَالُوا مَا وَجَبت قَالَ وَجَبت لَهُ الْجنَّة أَنْتُم شُهَدَاء الله فِي الأَرْض من أثنيتم عَلَيْهِ خيرا وَجَبت لَهُ الْجنَّة وَمن أثنيتم عَلَيْهِ شرا وَجَبت لَهُ النَّار وَفِي أثر آخر إِذا أردتم أَن تعلمُوا مَا للْمَيت عِنْد الله فانظروا مَا تتعبه من حسن الثَّنَاء فَقَالَت عَائِشَة رضى الله عَنْهَا لَا يكون آخر زَاده من الثَّنَاء وَالدُّعَاء أَن

<<  <  ج: ص:  >  >>