للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انه يزِيد فِي احدهما مَا ينقصهُ من الاخر فَمَا ينقص مِنْهُ يلج فِي الاخر لَا يذهب جملَة وعَلى هَذَا فالاية خَاصَّة بِبَعْض سَاعَات كل من اللَّيْل وَالنَّهَار فِي غير زمن الِاعْتِدَال فَهِيَ خَاصَّة فِي الزَّمَان وَفِي مِقْدَار مَا يلج فِي احدهما من الاخر وَهُوَ فِي الاقاليم المعتدلة غَايَة مَا تَنْتَهِي الزِّيَادَة خمس عشرَة سَاعَة فَيصير الاخر تسع سَاعَات فَإِذا زَاد على ذَلِك انحرف ذَلِك الاقليم فِي الْحَرَارَة اَوْ الْبُرُودَة الى ان يَنْتَهِي الى حد لايسكنه الانسان وَلَا يتكون فِيهِ النَّبَات وكل مَوضِع لَا تقع عَلَيْهِ الشَّمْس لَا يعِيش فِيهِ حَيَوَان وَلَا نَبَات لفرط برده ويبسه وكل مَوضِع لاتفارقه كَذَلِك لفرط حره ويبسه والمواضع الَّتِي يعِيش فِيهَا الْحَيَوَان والنبات هِيَ الَّتِي تطلع عَلَيْهَا الشَّمْس وتغيب وأعدلها الْمَوَاضِع الَّتِي تتعاقب عَلَيْهَا الْفُصُول الاربعة وَيكون فِيهَا اعتدالان خريفين وربيعين

فصل ثمَّ تَأمل إنارة الْقَمَر وَالْكَوَاكِب فِي ظلمَة اللَّيْل وَالْحكمَة فِي ذَلِك

فَإِن الله تَعَالَى اقْتَضَت حكمته خلق الظلمَة لهدو الْحَيَوَان وَبرد الْهَوَاء على الابدان والنبات فتعادل حرارة الشَّمْس فَيقوم النَّبَات وَالْحَيَوَان فَلَمَّا كَانَ ذَلِك مُقْتَضى حكمته شَاب اللَّيْل بِشَيْء من الانوار وَلم يَجعله ظلمَة داجية حندسا لَا ضوء فِيهِ اصلا فَكَانَ لَا يتَمَكَّن الْحَيَوَان فِيهِ من شَيْء من الْحَرَكَة وَلَا لأعمال وَلما كَانَ الْحَيَوَان قد يحْتَاج فِي اللَّيْل الى حَرَكَة ومسير وَعمل لايتهيأ لَهُ بِالنَّهَارِ لضيق النَّهَار اَوْ لشدَّة الْحر اَوْ لخوفه بِالنَّهَارِ كَحال كثير من الْحَيَوَان جعل فِي اللَّيْل من اضواء الْكَوَاكِب وضوء الْقَمَر مَا يَتَأَتَّى مَعَه اعمال كَثِيرَة كالسفر والحرث وَغير ذَلِك من اعمال اهل الحروث والزروع فَجعل ضوء الْقَمَر بِاللَّيْلِ مَعُونَة للحيوان على هَذِه الحركات وَجعل طلوعه فِي بعض اللَّيْل دون بعض مَعَ نقص ضوئه عَن الشَّمْس لِئَلَّا يستوى اللَّيْل وَالنَّهَار فتفوت حِكْمَة الِاخْتِلَاف بَينهمَا والتفاوت الَّذِي قدره الْعَزِيز الْعَلِيم فَتَأمل الْحِكْمَة الْبَالِغَة وَالتَّقْدِير العجيب الَّذِي اقْتضى ان اعان الْحَيَوَان على دولة الظلام بجند من النُّور يَسْتَعِين بِهِ على هَذِه الدولة الْمظْلمَة وَلم يَجْعَل الدولة كلهَا ظلمَة صرفا بل ظلمَة مشوبة بِنور رَحْمَة مِنْهُ وإحسانا فسبحان من اتقن مَا صنع واحسن كل شَيْء خلقه

فصل ثمَّ تَأمل حكمته تبَارك وَتَعَالَى فِي هَذِه النُّجُوم وَكَثْرَتهَا وَعَجِيب خلقهَا

وَأَنَّهَا زِينَة للسماء وأدلة يَهْتَدِي بهَا فِي طرق الْبر وَالْبَحْر وَمَا جعل فِيهَا من الضَّوْء والنور بِحَيْثُ

<<  <  ج: ص:  >  >>