للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِن الَّذِي أَعْطَيْتنِي قَلِيل فاذا أَخذ مِنْهُ قَالَ اعْلَم أَنه لَا بُد لَك من الِاتِّصَال بِهَذَا الشَّخْص على كل حَال إِلَّا أَنِّي ارى قد عمل لَك عمل وَعقد لَك عقد وَأَنت فِي هم وغم من ذَلِك فان شِئْت عملت لَك كتابا نَافِعًا يكون لَك حرْزا من كل مَا تخافه وتحذره وَلَا يزَال يفتل لَهُ فِي الذرْوَة والقرب حَتَّى يستكتبه الْحِرْز وَكذب هَذِه الطَّائِفَة وجهلها وزرقها يَعْنِي شهرته عِنْد الْخَاصَّة والعامة عَن تَكْلِيف إِرَادَة وَكلما كَانَ المنجم أكذب وبالزرق أعرف كَانَ على الْجُهَّال أروج

فصل وَأما قَوْله إِن هَذَا علم مَا خلت عَنهُ مِلَّة من الْملَل وَلَا

أمة من الْأُمَم وَلَا يعرف تَارِيخ من التواريخ الْقَدِيمَة والحديثة إِلَّا وَكَانَ أهل ذَلِك الزَّمَان مشتغلين بِهَذَا الْعلم ومعولين عَلَيْهِ فِي معرفَة الْمصَالح وَلَو كَانَ هَذَا الْعلم فَاسِدا بِالْكُلِّيَّةِ لاستحال إطباق أهل الْمشرق وَالْمغْرب عَلَيْهِ فَانْظُر مَا فِي هَذَا الْكَلَام من الْكَذِب والبهت والافتراء على الْعَالم من أول بنائِهِ إِلَى آخِره فَإِن آدم وَأَوْلَاده كَانُوا بُرَآء من ذَلِك وائمتكم معترفون بِأَن أول من عرف مِنْهُ الْكَلَام فِي هَذَا الْعلم وتلقيت عَنهُ أُصُوله وأوضاعه هُوَ إِدْرِيس النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام وَكَانَ بعد بِنَاء هَذَا الْعَالم بِزَمن طَوِيل هَذَا لَو ثَبت ذَلِك عَن إِدْرِيس فَكيف وَهُوَ من الْكَذِب الَّذِي لَيْسَ مَعَ صَاحبه إِلَّا مُجَرّد القَوْل بِلَا علم وَالْكذب على رَسُول الله عَلَيْهِ وَسلم أَو لَيْسَ من الْفِرْيَة والبهت أَن ينْسب هَذَا الْعلم إِلَى أمة مُوسَى فِي زَمَنه ويعدوه بِأَنَّهُم كَانُوا معولهم فِي مصالحهم على هَذَا الْعلم وَكَذَلِكَ أمه عِيسَى وَأمة يُونُس وَالَّذين كَانُوا مَعَ نوح ونجوا مَعَه فِي السَّفِينَة وحسبك بِهَذَا الْكَذِب والافتراء على تِلْكَ الْأمة المضبوط أمرهَا الْمَحْفُوظ فعلهَا فَهَل كَانَ النَّبِي وَأَصْحَابه يعولون على هَذَا الْعلم ويعتمدون عَلَيْهِ فِي مصالحهم أَو قرن التَّابِعين يَفْعَله اَوْ قرن تابعى التَّابِعين وَهَذِه هى خِيَار قُرُون الْعَالم على الْإِطْلَاق كَمَا أَن هَذِه الْأمة خير أمة أخرجت للنَّاس وهم اعْلَم الْأُمَم واعرفها وَأكْثر كتبا وتصانيف وأعلاها شَأْنًا وأكملها فِي كل خير ورشد وَصَلَاح كَمَا ثَبت فِي المنسد وَغَيره عَن النَّبِي أَنه قَالَ أَنْتُم توفون سبعين أمة أَنْتُم خَيرهَا وَأَكْرمهَا على الله فَهَل رَأَيْت خِيَار قُرُون هَذِه الْأمة والموفقين من خلفائها وملوكها وساداتها وكبرائها معولين على هَذَا الْعلم أَو معتمدين عَلَيْهِ فِي مصالحهم وَهَذِه سيرهم مَا بعهدها من قدم وَلَا يتأتي الْكَذِب عَلَيْهِم هَذَا وَقد أعْطوا من التأييد والنصر وَالظفر بعدوهم والاستيلاء على ممالك الْعَالم مالم يظفر بِهِ أحد من المعولين على أَحْكَام النُّجُوم بل لَا تَجِد المنجمين الا ذمَّة لَهُم لَوْلَا اعتصامهم بِحَبل مِنْهُم لَقطعت حبال أَعْنَاقهم وَلَا تَجِد المعولين على هَذَا الْعلم إِلَّا مخصوصين بالخذلان والحرمان وَهَذَا لأَنهم حق عَلَيْهِم قَوْله تَعَالَى إِن الَّذين اتَّخذُوا الْعجل سينالهم غضب من رَبهم وذلة فِي الحيوة الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ تجزي المفترين قَالَ أَبُو قلَابَة هِيَ لكل مفتر من هَذَا لأممة إِلَى يَوْم الْقِيَامَة نعم لَا ننكر أَن هَذَا الْعلم لَهُ طلبة مشغولون بِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>