للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تقوى عَلَيْهِ آثارها فتدخله النَّار فعلامة السَّعَادَة ان تكون حَسَنَات العَبْد خلف ظَهره وسيئاته نصب عَيْنَيْهِ وعلامة الشقاوة ان يَجْعَل حَسَنَاته نصب عَيْنَيْهِ وسيئاته خلف ظَهره وَالله الْمُسْتَعَان

فصل وَمِنْهَا ان شُهُود العَبْد ذنُوبه وخطاياه مُوجب لَهُ ان لَا يرى لنَفسِهِ

على اُحْدُ فضلا وَلَا لَهُ على اُحْدُ حَقًا فَإِنَّهُ يشْهد عُيُوب نَفسه وذنوبه فَلَا يظنّ انه خير من مُسلم يُؤمن بِاللَّه وَرَسُوله وَيحرم مَا حرم الله وَرَسُوله وَإِذا شهد ذَلِك من نَفسه لم يرلها على النَّاس حقوقا من الاكرم يتقاضاهم اياها ويذمهم على ترك الْقيام بهَا فَإِنَّهَا عِنْده اخس قدرا واقل قيمَة من ان يكون لَهُ بهَا على عباد الله حُقُوق يجب عَلَيْهِم مراعاتها اوله عَلَيْهِم فضل يسْتَحق ان يكرم ويعظم وَيقدم لاجلها فَيرى ان من سلم عَلَيْهِ اَوْ لقِيه بِوَجْه منبسط فقد احسن اليه وبذل لَهُ مَالا يسْتَحقّهُ فاستراح هَذَا فِي نَفسه وأراح النَّاس من شكايته وغضبه على الْوُجُود واهله فَمَا اطيب عيشه وَمَا انْعمْ باله وَمَا اقرعينه واين هَذَا مِمَّن لَا يزَال عاتبا على الْخلق شاكيا ترك قيامهم بِحقِّهِ ساخطا عَلَيْهِم وهم عَلَيْهِ اسخط

فصل وَمِنْهَا انه وَيُوجب لَهُ الامساك عَن عُيُوب النَّاس والفكر فِيهَا فَإِنَّهُ فِي

شغل بِعَيْب نَفسه فطوبى لمن شغله عَيبه عَن عُيُوب النَّاس وويل لمن نسي عَيبه وتفرغ لعيوب النَّاس هَذَا من عَلامَة الشقاوة كَمَا ان الاول من امارات السَّعَادَة وَمِنْهَا انه إِذا وَقع فِي الذَّنب شهد نَفسه مثل اخوانه الْخَطَّائِينَ وَشهد ان الْمُصِيبَة وَاحِدَة والجميع مشتركون فِي الْحَاجة بل فِي الضورروة الى مغْفرَة الله وعفوه وَرَحمته فَكَمَا يحب ان يسْتَغْفر لَهُ اخوه الْمُسلم كَذَلِك هُوَ ايضا يَنْبَغِي ان يسْتَغْفر لاخيه الْمُسلم فَيصير هجيراه رب اغْفِر لي ولوالدي وللمسلمين وَالْمُسلمَات وَلِلْمُؤْمنِينَ وَالْمُؤْمِنَات وَقد كَانَ بعض السّلف يسْتَحبّ لكل اُحْدُ ان يداوم على هَذَا الدُّعَاء كل يَوْم سبعين مرّة فَيجْعَل لَهُ مِنْهُ وردا لَا يخل بِهِ وَسمعت شَيخنَا يذكرهُ وَذكر فِيهِ فضلا عَظِيما لَا احفظه وَرُبمَا كَانَ من جملَة اوراده الَّتِي لَا يخل بهَا وسمعته يَقُول ان جعله بَين السَّجْدَتَيْنِ جَائِز فَإِذا شهدالعبد ان اخوانه مصابون بِمثل مَا اصيب بِهِ محتاجون الى مَا هُوَ مُحْتَاج اليه لم يمْتَنع من مساعدتهم الا لفرط جهل بمغفرة الله وفضله وحقيق بِهَذَا ان لَا يساعد فَإِن الْجَزَاء من جنس الْعَمَل وَقد قَالَ بعض السّلف إِن الله لما عتب على الْمَلَائِكَة بِسَبَب قَوْلهم {أَتجْعَلُ فِيهَا من يفْسد فِيهَا ويسفك الدِّمَاء} وامتحن هاروت وماروت بِمَا امتحنهما بِهِ جعلت الْمَلَائِكَة بعد ذَلِك تستغفر لبني آدم وتدعوالله لَهُم

<<  <  ج: ص:  >  >>