للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالعظائم وَأَنا أكلوهم فِي مَنَازِلهمْ فَأَي حلم اعظم من هَذَا الْحلم وَأي كرم اوسع من هَذَا الْكَرم فلولا حلمه وَكَرمه ومغفرته لما اسْتَقَرَّتْ السَّمَوَات والارض فِي أماكنها وَتَأمل قَوْله تَعَالَى ان الله يمسك السَّمَوَات والارض ان تَزُولَا وَلَئِن زالتا إِن امسكهما من اُحْدُ من بعده الاية هَذِه الاية تَقْتَضِي الْحلم وَالْمَغْفِرَة فلولا حلمه ومغفرته لزالتا عَن اماكنهما وَمن هَذَا قَوْله تكَاد السَّمَوَات يتفطرن مِنْهُ وتنشق الارض وتخر الْجبَال هدا ان دعوا للرحمن ولدا

فصل وَمِنْهَا تَعْرِيفه عَبده انه لَا سَبِيل لَهُ إِلَى النجَاة إِلَّا بعفوه ومغفرته

وانه رهين بِحقِّهِ فَإِن لم يتغمده بعفوه ومغفرته وَإِلَّا فَهُوَ من الهالكين لَا محَالة فَلَيْسَ اُحْدُ من خلقه إِلَّا وَهُوَ مُحْتَاج الى عَفوه ومغفرته كَمَا هُوَ مُحْتَاج الى فَضله وَرَحمته

فصل وَمِنْهَا تَعْرِيفه عَبده كرمه سُبْحَانَهُ فِي قبُول تَوْبَته ومغفرته لَهُ على

ظلمه واساءته فَهُوَ الَّذِي جاد عَلَيْهِ بَان وَفقه للتَّوْبَة والهمه إِيَّاهَا ثمَّ قبلهَا مِنْهُ فَتَابَ عَلَيْهِ اولا وآخرا فتوبة العَبْد محفوفة بتوبة قبلهَا عَلَيْهِ من الله إِذْنا وتوفيقا وتوبة ثَانِيَة مِنْهُ عَلَيْهِ قبولا ورضا فَلهُ الْفضل فِي التَّوْبَة وَالْكَرم اولا وآخرا لَا إِلَه إِلَّا هُوَ

فصل وَمِنْهَا إِقَامَة حجَّة عدله على عَبده ليعلم العَبْد ان لله عَلَيْهِ الْحجَّة

الْبَالِغَة فَإِذا اصابه مَا اصابه من الْمَكْرُوه فَلَا يُقَال من ايْنَ هَذَا وَلَا من ايْنَ اتيت وَلَا باي ذَنْب اصبت فَمَا أصَاب العَبْد من مُصِيبَة قطّ دقيقة وَلَا جليلة الا بِمَا كسبت يَدَاهُ وَمَا يعْفُو الله عَنهُ اكثر ومانزل بلَاء قطّ الا بذنب وَلَا رفع بلَاء إِلَّا بتوبة وَلِهَذَا وضع الله المصائب والبلايا والمحن رَحْمَة بَين عباده يكفر بهَا من خطاياهم فَهِيَ من اعظم نعمه عَلَيْهِم وان كرهتها انفسهم وَلَا يدْرِي العَبْد أَي النعمتين عَلَيْهِ اعظم نعْمَته عَلَيْهِ فِيمَا يكره اَوْ نعْمَته عَلَيْهِ فِيمَا يحب وَمَا يُصِيب الْمُؤمن من هم وَلَا وصب وَلَا اذى حَتَّى الشَّوْكَة يشاكها إِلَّا كفر الله بهَا من خطاياه وَإِذا كَانَ للذنوب عقوبات وَلَا بُد فَكلما عُوقِبَ بِهِ العَبْد من ذَلِك قبل الْمَوْت خير لَهُ مِمَّا بعده وايسر وأسهل بِكَثِير

فصل وَمِنْهَا ان يُعَامل العَبْد بني جنسه فِي إسائتهم اليه وزلاتهم مَعَه

بِمَا يحب ان يعامله الله بِهِ فِي اساءته وزلاته وذنوبه فَإِن الْجَزَاء من جنس الْعَمَل فَمن عَفا عفى الله عَنهُ وَمن سامح اخاه فِي إساءته اليه سامحه الله فِي سيئاته وَمن أغضي وَتجَاوز تجَاوز الله عَنهُ وَمن استقصى استقصى عَلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>