وفجأة نقمته وَمن جَمِيع سخطه
فصل وَمِنْهَا ان الذَّنب يُوجب لصَاحبه التقيظ والتحرز من مصائد عدوه
ومكامنه وَمن ايْنَ يدْخل عَلَيْهِ اللُّصُوص والقطاع ومكامنهم وَمن ايْنَ يخرجُون عَلَيْهِ وَفِي أَي وَقت يخرجُون فَهُوَ قد استعد لَهُم وتأهب وَعرف بِمَاذَا يستدفع شرهم وكيدهم فَلَو انه مر عَلَيْهِم على غرَّة وطمأنينه لم يَأْمَن ان يظفروا بِهِ ويجتاحوه جملَة
فصل وَمِنْهَا ان الْقلب يكون ذاهلا عَن عدوه معرضًا عَنهُ مشتغلا بِبَعْض
مهماته فَإِذا اصابه سهم من عدوه استجمعت لَهُ قوته وحاسته وحميته وَطلب بثاره إِن كَانَ قلبه حرا كَرِيمًا كَالرّجلِ الشجاع إِذا جرح فَإِنَّهُ لَا يقوم لَهُ شَيْء بل ترَاهُ بعْدهَا هائجا طَالبا مقداما وَالْقلب الجبان المهين إِذا جرح كَالرّجلِ الضَّعِيف المهين إِذا جرح ولى هَارِبا والجراحات فِي اكتافه وَكَذَلِكَ الاسد إِذا جرح فَإِنَّهُ لَا يُطَاق فَلَا خير فِيمَن لَا مُرُوءَة لَهُ يطْلب اخذ ثاره من اعدى عدوه فَمَا شَيْء اشفى للقلب من اخذه بثاره من عدوه ولاعدو اعدى لَهُ من الشَّيْطَان فَإِن كَانَ قلبه من قُلُوب الرِّجَال المتسابقين فِي حلبة الْمجد جد فِي اخذ الثأر وغاظ عدوه كل الغيظ واضناه كَمَا جَاءَ عَن بعض السّلف ان الْمُؤمن لينضى شَيْطَانه كَمَا ينضى احدكم بعيره فِي سَفَره
فصل وَمِنْهَا ان مثل هَذَا يصير كالطبيب ينْتَفع بِهِ المرضى فِي علاجهم
ودوائهم والطبيب الَّذِي عرف الْمَرَض مُبَاشرَة وَعرف دواءه وعلاجه احذق وَاخْبَرْ من الطَّبِيب الَّذِي إِنَّمَا عرفه وَصفا هَذَا فِي أمراض الابدان وَكَذَلِكَ فِي أمراض الْقُلُوب وأدوائها وَهَذَا معنى قَول بعض الصُّوفِيَّة اعرف النَّاس بالافات اكثرهم آفَات وَقَالَ عمر بن الْخطاب إِنَّمَا تنقض عرى الاسلام عُرْوَة عُرْوَة إِذا نَشأ فيالاسلام من لَا يعرف الْجَاهِلِيَّة وَلِهَذَا كَانَ الصَّحَابَة اعرف الامة بالاسلام وتفاصيله وابوابه وطرقه وَأَشد النَّاس رَغْبَة فِيهِ ومحبة لَهُ وجهادا لاعدائه وتكلما بأعلامه بالامة وتحذيرا من خِلَافه لكَمَال علمهمْ بضده فَجَاءَهُمْ الْإِسْلَام وكل خصْلَة مِنْهُ مضادة لكل خصْلَة مِمَّا كَانُوا عَلَيْهِ فازدادوا لَهُ معرفَة وحبا وَفِيه جهادا بمعرفتهم بضده وَذَلِكَ بِمَنْزِلَة من كَانَ فِي حصر شَدِيد وضيق وَمرض وفقر وَخَوف ووحشة فقيض الله لَهُ من نَقله مِنْهُ الى فضاء وسعة وَأمن وعافية وغنى وبهجة وسرور فَإِنَّهُ يزْدَاد سروره وغبطته ومحبته بِمَا نقل اليه بِحَسب مَعْرفَته بِمَا كَانَ فِيهِ وَلَيْسَ حَال هَذَا كمن ولد فِي الارمن والعافية والغنى وَالسُّرُور فَإِنَّهُ لم يشْعر بِغَيْرِهِ وَرُبمَا قيضت لَهُ اسباب تخرجه عَن
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute