للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{منَازِل حَتَّى عَاد كالعرجون الْقَدِيم} فَخص الْقَمَر بِذكر تَقْدِير الْمنَازل دون الشَّمْس وَأَن كَانَت مقدرَة الْمنَازل لظُهُور ذَلِك للحس فِي الْقَمَر وَظُهُور تفَاوت نوره بِالزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَان فِي كل منزل وَلذَلِك كَانَ الْحساب القمرى أشهر وَأعرف عَن والأمم وَأبْعد من الْغَلَط وَأَصَح للضبط من الْحساب الشمسى ويشترك فِيهِ النَّاس دون الْحساب الشمسى وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى فِي الْقَمَر {وَقدره منَازِل لِتَعْلَمُوا عدد السنين والحساب} وَلم يقل ذَلِك فِي الشَّمْس وَلِهَذَا كَانَت اشهر الْحَج وَالصَّوْم والأعياد ومواسم الْإِسْلَام انما هِيَ على حِسَاب الْقَمَر وسيره ونزوله فِي مَنَازِله لَا على حِسَاب الشَّمْس وسيرها حِكْمَة من الله وَرَحْمَة وحفظا لدينِهِ لاشتراك النَّاس فِي هَذَا الْحساب وَتعذر الْغَلَط وَالْخَطَأ فِيهِ فَلَا يدْخل فِي الدّين من الِاخْتِلَاف والتخليط مَا دخل فِي دين أهل الْكتاب فَهَذَا الَّذِي اُخْبُرْنَا تَعَالَى بِهِ من شَأْن الْمنَازل وسير الْقَمَر فِيهَا وَجعل الشَّمْس سِرَاجًا وضياء يبصر بِهِ الْحَيَوَان وَلَوْلَا ذَلِك لم يبصر ألحيوان فَأَيْنَ هَذَا مِمَّا يَدعِيهِ الكذابون من علم الْأَحْكَام الَّتِى كذبهَا اضعاف صدقهَا ٠

فصل وَأما ماذكره عَن إِبْرَاهِيم خَلِيل الرَّحْمَن أَنه تمسك بِعلم النُّجُوم حِين

قَالَ إِنِّي سقيم فَمن الْكَذِب والافتراء على خَلِيل الرَّحْمَن عَلَيْهِ السَّلَام فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي الْآيَة اكثر من أَنه نظر نظرة فِي النُّجُوم ثمَّ قَالَ لَهُم إِنِّي سقيم فَمن ظن من هَذَا أَن كلم أَحْكَام النُّجُوم من علم الْأَنْبِيَاء وَأَنَّهُمْ كَانُوا يراعونه ويعانونه فقد كذب على الْأَنْبِيَاء ونسبهم إِلَى مَالا يَلِيق وَهُوَ من جنس من نسبهم إِلَى الكهانة وَالسحر وَزعم أَن تلقيهم الْغَيْب من جنس تلقى غَيرهم وَأَن كَانُوا فَوْقهم فِي ذَلِك لكَمَال نُفُوسهم وَقُوَّة استعدادها وقبولها لفيض العلويات عَلَيْهَا وَهَؤُلَاء لم يعرفوا الْأَنْبِيَاء وَلَا آمنُوا بهم وَإِنَّمَا هم عِنْدهم بِمَنْزِلَة أَصْحَاب الرياضات الَّذين خصوا بِقُوَّة الْإِدْرَاك وَزَكَاة النُّفُوس وَزَكَاة الْأَخْلَاق ونصبوا أنفسهم لإِصْلَاح النَّاس وَضبط امورهم وَلَا ريب أَن هَؤُلَاءِ أبعد الْخلق عَن الْأَنْبِيَاء واتباعهم ومعرفتهم وَمَعْرِفَة مرسلهم وَمَا ارسلهم بِهِ هَؤُلَاءِ فِي شَأْن وَالرسل فِي شَأْن آخر بل هم ضدهم فِي علومهم واعمالهم وهديهم وإرادتهم وطرائقهم ومعادهم وَفِي شَأْنهمْ كُله وَلِهَذَا نجد أَتبَاع هَؤُلَاءِ ضد أَتبَاع الرُّسُل فِي الْعُلُوم والأعمال وَالْهدى والإرادات وَمَتى بعث الله رَسُولا يعانى التنجيم والنرجات والطلسمات والأوفاق والتداخين والبخورات وَمَعْرِفَة القرانات وَالْحكم على الْكَوَاكِب بالسعود والنحوس والحرارة والبرودة والذكورة وَالْأُنُوثَة وَهل هَذِه إِلَّا صنائع الْمُشْركين وعلومهم وَهل بعثت الرُّسُل أَلا بالإنكار على هَؤُلَاءِ ومحقهم ومحق علومهم وَأَعْمَاهُمْ من الأَرْض وَهل للرسل أَعدَاء بِالذَّاتِ إِلَّا هَؤُلَاءِ وَمن سلك سبيلهم وَهَذَا مَعْلُوم بالاضطرار لكل من آمن بالرسل صلوَات

<<  <  ج: ص:  >  >>