للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله وَسَلَامه عَلَيْهِم وَصدقهمْ فِيمَا جاؤا بِهِ وَعرف مُسَمّى رَسُول الله وَعرف مرسله وَهل كَانَ لإِبْرَاهِيم الْخَلِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام عَدو مثل هَؤُلَاءِ المنجمين الصابئين وحر إِن كَانَت دَار مملكتهم والخليل أعدى عَدو لَهُم وهم الْمُشْركُونَ حَقًا والأصنام الَّتِى كَانُوا يعبدونها كَانَت صورا وتماثيل للكواكب وَكَانُوا يتخذون لَهَا هياكل وَهِي بيُوت الْعِبَادَات لكل كَوْكَب مِنْهَا هيكل فِيهِ أصنام تناسبه فَكَانَت عِبَادَتهم للأصنام وتعظيمهم لَهَا تَعْظِيمًا مِنْهُم للكواكب الَّتِى وضعُوا الْأَصْنَام عَلَيْهَا وَعبادَة لَهَا وَهَذَا أقوى السببين فِي الشّرك الْوَاقِع فِي الْعَالم وَهُوَ الشّرك بالنجوم وتعظيمها واعتقاد أَنَّهَا أَحيَاء ناطقة وَلها روحانيات تتنزل على عابديها ومخاطبيها فصوروا لَهَا الصُّور الأرضية ثمَّ جعلُوا عبادتها وتعظيمها ذَرِيعَة إِلَى عبَادَة تِلْكَ الْكَوَاكِب واستنزال روحانياتها وَكَانَت الشَّيَاطِين تتنزل عَلَيْهِم وتخاطبهم وتكلمهم وتريهم من الْعَجَائِب مَا يَدعُوهُم إِلَى بذل نُفُوسهم وَأَوْلَادهمْ وَأَمْوَالهمْ لتِلْك الْأَصْنَام والتقرب إِلَيْهَا وَكَانَ مبدأ هَذَا الشّرك تَعْظِيم الْكَوَاكِب وَظن السُّعُود والنحوس وَحُصُول الْخَيْر وَالشَّر فِي الْعَالم مِنْهَا وَهَذَا شرك خَواص الْمُشْركين وأرباب النّظر مِنْهُم وَهُوَ شرك قوم إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام

وَالسَّبَب الثَّانِي عبَادَة الْقُبُور والإشراك بالأموات وَهُوَ شرك قوم نوح عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَهُوَ أول شرك طرق الْعَالم وفتنته أَعم واهل الإبتلاء بِهِ أَكثر وهم جُمْهُور أهل الْإِشْرَاك وَكَثِيرًا مَا يجْتَمع الْبَيَان فِي حق الْمُشرك يكون مقابريا نجوميا قَالَ تَعَالَى عَن قوم نوح {وَقَالُوا لَا تذرن آلِهَتكُم وَلَا تذرن ودا وَلَا سواعا وَلَا يَغُوث ويعوق ونسرا}

قَالَ البخارى فِي صَحِيحه قَالَ ابْن عَبَّاس كَانَ هَؤُلَاءِ رجَالًا صالحين من قوم نوح فَلَمَّا هَلَكُوا أُوحِي الشَّيَاطِين إِلَى قَومهمْ أَن انصبوا على مجَالِسهمْ الَّتِى كَانُوا يَجْلِسُونَ عَلَيْهَا أنصابا وسموها بِأَسْمَائِهِمْ فَفَعَلُوا فَلم تعبد حَتَّى إِذا هلك أُولَئِكَ وَنسخ الْعلم عبدت وَلِهَذَا لعن النَّبِي الَّذين اتَّخذُوا قُبُور أَنْبِيَائهمْ مَسَاجِد وَنهى عَن الصَّلَاة إِلَى الْقُبُور وَقَالَ اللَّهُمَّ لَا تجْعَل قبرى وثنا يعبد وَقَالَ اشْتَدَّ غضب الله على قوم اتَّخذُوا قُبُور أَنْبِيَائهمْ مَسَاجِد وَقَالَ إِن من كَانَ قبلكُمْ كَانُوا يتخذون قُبُور أَنْبِيَائهمْ مَسَاجِد إِلَّا فَلَا تَتَّخِذُوا الْقُبُور مَسَاجِد فَإِنِّي انها كم عَن ذَلِك وَأخْبر أَن هَؤُلَاءِ شرار الْخلق عِنْد الله يَوْم الْقِيَامَة وَهَؤُلَاء هم أَعدَاء نوح كَمَا ان الْمُشْركين بالنجوم أَعدَاء إِبْرَاهِيم فنوح عَادَاهُ الْمُشْركُونَ بالقبور وَإِبْرَاهِيم عَادَاهُ الْمُشْركُونَ بالنجوم والطائفتان صوروا الْأَصْنَام على صور معبوديهم ثمَّ عبدوها وَإِنَّمَا بعثت الرُّسُل بمحق الشّرك من الأَرْض ومحق أَهله وَقطع اسبابه وَهدم بيوته ومحاربة أَهله فَكيف يظنّ بِإِمَام الحنفاء وَشَيخ الْأَنْبِيَاء وخليل رب الأَرْض وَالسَّمَاء أَنه كَانَ يتعاطى علم النُّجُوم وَيَأْخُذ مِنْهُ أَحْكَام الْحَوَادِث سُبْحَانَكَ هَذَا بهتان عَظِيم وَإِنَّمَا كَانَت النظرة الَّتِى نظرها

<<  <  ج: ص:  >  >>