فِي حَقه
وَقَالَت طَائِفَة أُخْرَى معنى الحَدِيث إخْبَاره عَن الْأَسْبَاب المثيرة للطيرة الكامنة فِي الغرائز يعْنى أَن المثير للطيرة فِي غرائز النَّاس هِيَ هَذِه الثَّلَاثَة فَأخْبرنَا بِهَذَا لنأخذ الحذر مِنْهَا فَقَالَ الشؤم فِي الدَّار وَالْمَرْأَة وَالْفرس أَي أَن الْحَوَادِث الَّتِي تكْثر مَعَ هَذِه الْأَشْيَاء والمصائب الَّتِي تتوالى عِنْدهَا تَدْعُو النَّاس إِلَى التشاؤم بهَا فَقَالَ الشؤم فِيهَا أَي أَن الله قد يقدره فِيهَا على قوم دون قوم فخاطبهم بذلك لما اسْتَقر عِنْدهم مِنْهُ من إبِْطَال الطَّيرَة وإنكار الْعَدْوى وَلذَلِك لم يستفهموا فِي ذَلِك عَن معنى مَا أَرَادَهُ كَمَا تقدم لَهُم فِي قَوْله لَا يُورد الممرض على المصح فَقَالُوا عِنْده وَمَا ذَاك يَا رَسُول الله فَأخْبرهُم أَنه خَافَ فِي ذَلِك الْأَذَى الَّذِي يدْخلهُ الممرض على المصح لَا الْعَدْوى لِأَنَّهُ أَمر بالتوادد وَإِدْخَال السرُور بَين الْمُؤمنِينَ وَحسن التجاوز وَنهى عَن التقاطع والتباغض والأذى فَمن اعْتقد أَن رَسُول الله نسب الطَّيرَة والشؤم إِلَى شَيْء من الْأَشْيَاء على سَبِيل إِنَّه مُؤثر بذلك دون الله فقد أعظم الْفِرْيَة على الله وعَلى رَسُوله وضل ضلالا بَعيدا وَالنَّبِيّ ابتداهم بِنَفْي الطَّيرَة والعدوى ثمَّ قَالَ الشؤم فِي ثَلَاث قطعا لتوهم المنفية فِي الثَّلَاثَة الَّتِي أخبر أَن الشؤم يكون فِيهَا فَقَالَ لَا عدوى وَلَا طيرة والشؤم فِي ثَلَاثَة فابتدأهم بالمؤخر من الْخَيْر تعجيلا لَهُم بالأخبار بِفساد الْعَدْوى والطيرة المتوهمة من قَوْله الشؤم فِي ثَلَاثَة وَبِالْجُمْلَةِ فإخباره بالشؤم أَنه يكون فِي هَذِه الثَّلَاثَة لَيْسَ فِيهِ إِثْبَات الطَّيرَة الَّتِي نفاها وَإِنَّمَا غَايَته إِن الله سُبْحَانَهُ قد يخلق مِنْهَا أعيانا مشؤمة على من قاربها وسكنها وأعيانا مباركة لَا يلْحق من قاربها مِنْهَا شُؤْم وَلَا شَرّ وَهَذَا كَمَا يعْطى سُبْحَانَهُ الْوَالِدين ولدا مُبَارَكًا يريان الْخَيْر على وَجهه وَيُعْطى غَيرهمَا ولدا مشؤما نذلا يريان الشَّرّ على وَجهه وَكَذَلِكَ مَا يعطاه العَبْد ولَايَة أَو غَيرهَا فَكَذَلِك الدَّار وَالْمَرْأَة وَالْفرس وَالله سُبْحَانَهُ خَالق الْخَيْر وَالشَّر والسعود والنحوس فيخلق بعض هَذِه الْأَعْيَان سعودا مباركة وَيقْضى سَعَادَة من قارنها وَحُصُول الْيمن لَهُ وَالْبركَة ويخلق بعض ذَلِك نحوسا يتنحس بهَا من قارنها وكل ذَلِك بِقَضَائِهِ وَقدره كَمَا خلق سَائِر الْأَسْبَاب وربطها بمسبباتها المتضادة والمختلفة فَكَمَا خلق الْمسك وَغَيره من حَامِل الْأَرْوَاح الطّيبَة ولذذ بهَا من قارنها من النَّاس وَخلق ضدها وَجعلهَا سَببا لإيذاء من قارنها من النَّاس وَالْفرق بَين هذَيْن النَّوْعَيْنِ يدْرك بالحس فَكَذَلِك فِي الديار وَالنِّسَاء وَالْخَيْل فَهَذَا لون والطيرة الشركية لون آخر ٠
فصل وَأما الْأَثر الَّذِي ذكره مَالك عَن يحيى بن سعيد جَاءَت امْرَأَة إِلَى
رَسُول الله فَقَالَت يَا رَسُول الله دَار سكناهَا وَالْعدَد كثير وَالْمَال وافر فَقل الْعدَد وَذهب المَال فَقَالَ النَّبِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute