للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطالع ومدبر الْفلك وَمَا حواه ومسخر الْكَوَاكِب ومجريها على مَا يَشَاء سُبْحَانَهُ أَن جعلكُمْ كالذمة بل أذلّ مِنْهُم تَحت قهر عبيده وَجعل سِهَام سعادتهم من كل خير وَعلم ورئاسة وجاه أوفر من سهامكم وبيوت شرفهم فِي هَذَا الْعَالم اعمر من بُيُوتكُمْ بل خرب بُيُوتكُمْ بِأَيْدِيهِم فَلَا ينعمر مِنْهَا بَيت أَلا بالانضمام إِلَيْهِم والانتماء إِلَى شريعتهم وملتهم وَهَذَا شَأْن الْعَزِيز الْحَكِيم فِي الْكَذَّابين عَلَيْهِ قَالَ تَعَالَى أَن الَّذين اتَّخذُوا الْعجل سينالهم غضب من رَبهم وذله فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نجزي المفترين قَالَ أَبُو قلَابَة هِيَ لكل مفتر من هَذِه الْأمة يَوْم الْقِيَامَة وَهَذِه المحاورة الَّتِي جرت بَين أَصْحَاب هَذَا الْمجمع هِيَ غَايَة مَا يُمكن النجومي أَن يَقُوله وَلَا يصل إِلَى ذَلِك المبرزون مِنْهُم وَمَعَ هَذَا فقد رَأَيْت حاصلها ومضمونها ولعلهم لَو علمُوا أَن هَذِه الْكَلِمَات تَعْتَد من جَمَاعَتهمْ وتتصل بِأَهْل الْإِيمَان لم ينطقوا مِنْهَا ببنت شفة ويأبى الله إِلَّا أَن يفضح المفترى الْكذَّاب وينطقه بِمَا يبين بَاطِلَة ٠

فصل قَالَ صَاحب الرسَالَة ذكر جمل من احتجاجهم والاحتجاج عَلَيْهِم من إوكد

مَا يستدلون بِهِ على أَن الْكَوَاكِب تفعل فِي هَذَا الْعَالم أَولهَا دلَالَة على مَا يحدث فِيهِ انهم امتحنوا عدَّة مواليد صححوا طوالعها وَجَمَاعَة مسَائِل راعوها فوجدوا الْقَضِيَّة فِي جَمِيع ذَلِك صَادِقَة فدلهم ذَلِك على أَن الْأُصُول الَّتِي عمِلُوا عَلَيْهَا صَحِيحَة فَيُقَال لَهُم إِذا كَانَ مَا تَدعُونَهُ من هَذَا دَلِيلا على صِحَة الْأَحْكَام فَمَا الْفضل بَيْنكُم وَبَين من قَالَ الدَّلِيل على بطلَان الْأَحْكَام أَن امتحنا مواليد صححنا طوالعها ومسائل تفقدنا أحوالها فَوَجَدنَا جَمِيعهَا بَاطِلا وَلم يَصح الحكم فِي شَيْء مِنْهَا

فَإِن قَالُوا إِنَّمَا يكون هَذَا لجَوَاز الْغَلَط على المنجم الَّذِي عَملهَا قيل لكم فَمَا تنكرون من أَن يكون صدق المنجم فِي حكمه بِاتِّفَاق وتخمين كإخراج الزَّوْج والفرد وَصدق الحزر فِي الْوَزْن والكيل والذرع وَالْعدَد وَإِذا كَانَت الدّلَالَة على صِحَة مَقَالَتَكُمْ صدقكُم فِي بعض أحكامكم فالدلالة على بُطْلَانهَا كذبكم فِي بَعْضهَا

فَإِن قَالُوا لَيْسَ مَا قُلْنَاهُ بتخمين لانا إِنَّمَا نحكمه على أصُول مَوْضُوعَة فِي كتب القدماء قيل لَهُم لسنا نشك فِي أَنكُمْ تتبعون مَا فِي الْكتب وتقلدون من تقدمكم وَمَا يَقع من الصدْق فَإِنَّمَا يَقع بِحَسب الأنفاق وَالَّذِي حصلتم عَلَيْهِ هُوَ الحدس والتخمين بِحَسب مَا فِي الْكتب

وَمِمَّا يسْتَدلّ بِهِ من ينتسب إِلَى الْإِسْلَام مِنْهُم على تَصْحِيح دلَالَة النُّجُوم قَوْله تَعَالَى فَنظر نظرة فِي النُّجُوم فَقَالَ إِنِّي سقيم وَلَا حجَّة فِي هَذَا الْبَتَّةَ لِأَن إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام إِنَّمَا قَالَ هَذَا ليدفع بِهِ قومه عَن نَفسه أَلا ترى أَنه عز وَجل قَالَ بعد فتولوا عَنهُ مُدبرين فرَاغ إِلَى آلِهَتهم فَقَالَ أَلا تَأْكُلُونَ فَبين تبَارك وَتَعَالَى أَنه إِنَّمَا قَالَ ذَلِك ليدفعهم بِهِ لما كَانَ عزم عَلَيْهِ من أَمر

<<  <  ج: ص:  >  >>