للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَعْمَار والأرزاق والآجال والصنائع والعلوم والمعارف والصور الحيوانية والنباتية والمعدنية وَسَائِر مَا فِي هَذَا الْعَالم من الْخَيْر وَالشَّر وَأما قَوْله تبَارك الَّذِي جعل فِي السَّمَاء بروجا وَجعل فِيهَا سرجا وقمرا منيرا فَهُوَ تَعْظِيم وثناء مِنْهُ تَعَالَى على نَفسه بِجعْل هَذِه البروج وَالشَّمْس وَالْقَمَر فِي السَّمَاء وَقد اخْتلف فِي البروج الْمَذْكُورَة فِي هَذِه الْآيَة فَأكْثر السّلف على أَنَّهَا الْقُصُور أَو الْكَوَاكِب الْعِظَام

قَالَ ابْن الْمُنْذر فِي تَفْسِيره حَدثنَا مُوسَى حَدثنَا شُجَاع حَدثنَا ابْن إِدْرِيس عَن ابيه عَن عَطِيَّة جعل فِي السَّمَاء بروجا قَالَ قصورا فِيهَا حرس

حَدثنَا مُوسَى حَدثنَا أَبُو بكر حَدثنَا أَبُو مُعَاوِيَة ووكيع عَن اسماعيل عَن يحيى بن رَافع قَالَ قصورا فِي السَّمَاء حَدثنَا مُوسَى حَدثنَا أَبُو بكر حَدثنَا وَكِيع عَن سُفْيَان عَن ابْن ابي نجيح عَن مُجَاهِد قَالَ النُّجُوم يَعْنِي بروجا وَكَذَلِكَ قَالَ عِكْرِمَة حَدثنَا أَبُو أَحْمد حَدثنَا يعلي حَدثنَا إِسْمَاعِيل عَن أبي صَالح تبَارك الَّذِي جعل فِي السَّمَاء بروجا قَالَ النُّجُوم الْكِبَار وَهَذَا مُوَافق لِمَعْنى اللَّفْظَة فِي اللُّغَة فَإِن الْعَرَب تسمي الْبناء الْمُرْتَفع برجا قَالَ تَعَالَى اينما تَكُونُوا يدرككم الْمَوْت لَو كُنْتُم فِي بروج مشيدة وَقَالَ الأخطل:

كَأَنَّهَا برج رومي يشيده ... بِأَن بحض وآجر وأحجار

قَالَ الْأَعْمَش كَانَ أَصْحَاب عبد الله يقرؤنها تبَارك الَّذِي جعل فِي السَّمَاء قصورا وَأما الْمُتَأَخّرُونَ من الْمُفَسّرين فكثير مِنْهُم يذهب إِلَى أَنَّهَا البروج الإثني عشر الَّتِي تَنْقَسِم عَلَيْهَا الْمنَازل كل برج منزلتان وَثلث وَهَذِه الْمنَازل الثَّمَانِية وَالْعشْرُونَ يَبْدُو مِنْهَا للنَّاظِر أَرْبَعَة عشر منزلا ابدا وَيخْفى مِنْهَا أَرْبَعَة عشر منزلا كَمَا أَن البروج يظْهر مِنْهَا أبدا سِتَّة وَيخْفى سِتَّة وَالْعرب تسمى أَرْبَعَة عشر منزلا مِنْهَا شامية وَأَرْبَعَة عشر يَمَانِية فَأول الشامية السرطان وَآخِرهَا السماك الأعزل وَأول اليمانية الغفر وَآخِرهَا الرشا إِذا طلع مِنْهَا منزل من الْمشرق غَابَ رقيبه من الْمغرب وَهُوَ الْخَامِس عشر وَبهَا تَنْقَسِم فُصُول السّنة الْأَرْبَع فللربيع مِنْهَا الْحمل والثور والجوزاء ومنازلها الشَّرْطَيْنِ والبطين والثريا والدبران والهقعة والهنعة والذراع وللصيف مِنْهَا السرطان والأسد والسنبلة ومنازلها النثرة والطرف والجبهة والزبرة والصرفة والعواء والسماك وللخريف مِنْهَا الْمِيزَان وَالْعَقْرَب والقوس ومنازلها الغفر والزبان والأكليل وَالْقلب والشولة والنعائم والبلدة وللشتاء مِنْهَا الجدي والدلو والحوت ومنازلها سعد الذَّابِح وَسعد بلع وَسعد السُّعُود وَسعد الأخبية وَالْفرع الْمُقدم وَيُسمى الأول وَالْفرع الْمُؤخر وَيُسمى الثَّانِي والرشا وَلما كَانَ نزُول الْقَمَر فِي هَذِه الْمنَازل مَعْلُوما بالعيان والمشاهدة ونزول الشَّمْس فِيهَا إِنَّمَا هُوَ بِالْحِسَابِ لَا بِالرُّؤْيَةِ قَالَ تَعَالَى {هُوَ الَّذِي جعل الشَّمْس ضِيَاء وَالْقَمَر نورا وَقدره منَازِل} وَقَالَ تَعَالَى {وَالشَّمْس تجْرِي لمستقر لَهَا ذَلِك تَقْدِير الْعَزِيز الْعَلِيم وَالْقَمَر قدرناه}

<<  <  ج: ص:  >  >>