للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عونا على مَا قرب مِنْهُ وتوفيقا لما أزلف لَدَيْهِ انه قريب مُجيب فعال لما يُرِيد لست مُسْتَعْملا للتحامل على من أثبت تَأْثِير الْكَوَاكِب فِي هَذَا الْعَالم وَترك إنصافهم كَمَا فعل قوم ردوا عَلَيْهِم فانهم دفعوهم عَن أَن يكون لَهَا تَأْثِير الْبَتَّةَ غير وجود الضياء فِي الْمَوَاضِع الَّتِي تطلع فِيهَا الشَّمْس وَالْقَمَر وَعَدَمه فِيمَا غابا عَنهُ وَمَا جرى هَذَا المجرى بل أسلم لَهُم أَنَّهَا تُؤثر تَأْثِيرا مَا يجْرِي على الْأَمر الطبيعي مثل أَن يكون الْبَلَد الْقَلِيل الْعرض مزاجه يمِيل عَن الِاعْتِدَال إِلَى الْحر واليبس وَكَذَلِكَ مزاج أَهله ضَعِيف وألوانهم سود وصفر كالنوبة والحبشة وَأَن يكون الْبَلَد الْكثير الْعرض مزاجه يمِيل عَن الِاعْتِدَال إِلَى الْبرد والرطوبة وَكَذَلِكَ مزاج أَهله وأجسامهم عبلة والوانهم بيض وشعورهم شقر مثل التّرْك والصقالبة وَمثل أَن يكون النَّبَات يَنْمُو ويقوى ويتكامل وينضج ثمره بالشمس وَالْقَمَر فان أهل الصَّحرَاء وَمن يعانيها مجمعون على أَن القثاء تطول وتغلظ بالقمر وَقد شاهدت غير شَجَرَة كَبِيرَة حاملة من التِّين والتوت وَغَيرهمَا فَمَا قَابل الشَّمْس مِنْهُ أسْرع نضج الثَّمر الْكَائِن فِيهِ وَمَا خفى مِنْهَا عَنْهَا بَقِي ثمره فجا وَتَأَخر إِدْرَاكه وَمِثَال ذَلِك مَا شَاهد من حَال الريحان الَّذِي يُقَال لَهُ اللينوفر وَحَال الْخَبَّازِي وورق الخطمى والأدريون وَأَشْيَاء كَثِيرَة من النَّبَات فانا نرَاهُ يَتَحَرَّك وينفتح مَعَ طُلُوع الشَّمْس ويضعف إِذا غَابَتْ لِأَن هَذِه أُمُور محسوسة وَلَيْسَ الْكَلَام فِي هَذَا التَّأْثِير كَيفَ هُوَ وعَلى أَي سَبِيل يَقع فَمَا يَلِيق بغرضنا هَهُنَا فَلذَلِك أَدَعهُ فَأَما مَا يزعمونه فِيمَا عدا هَذَا من أَن النُّجُوم توجب أَن يعِيش فلَان كَذَا كَذَا سنة وَكَذَا كَذَا شهرا وينتهون فِي التَّحْدِيد إِلَى جُزْء من سَاعَة وَأَن يدل على تَقْلِيد رجل بِعَيْنِه الْملك وتقليد آخر بِعَيْنِه الوزارة وَطول مُدَّة كل وَاحِد مِنْهُمَا فِي الْولَايَة وقصرها وَمَا فعله الْإِنْسَان وَمَا يَفْعَله فِي منزله وَمَا يضمره فِي قلبه وَمَا هُوَ مُتَوَجّه فِيهِ من حاجاته وَمَا هُوَ فِي بطن الْحَامِل وَالسَّارِق وَمن هُوَ والمسروق وَمَا هُوَ وَأَيْنَ هُوَ وكميته وكيفيته وَمَا يجب بالكسوف وَمَا يحدث مَعَه وَالْمُخْتَار من الْأَعْمَال فِي كل يَوْم بِحَسب اتِّصَال الْقَمَر بالكواكب من أَن يكون هَذَا الْيَوْم صَالحا للقاء الْمُلُوك والرؤساء وَأَصْحَاب السيوف وَهَذَا يَوْم مَحْمُود للقاء الْكتاب والوزراء وَهَذَا الْيَوْم مَحْمُود للقاء الْقُضَاة وَهَذَا الْيَوْم مَحْمُود لأمور النِّسَاء وَهَذَا الْيَوْم مَحْمُود لشرب الدَّوَاء والفصد والحجامة وَهَذَا الْيَوْم مَحْمُود للعب الشطرنج والنرد وَغير ذَلِك فمحال أَن يكون مَعْلُوما من طَرِيق الْحس وَلَيْسَ نَص من كتاب الله بل قد نَص الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِيهِ على بُطْلَانه بقوله تبَارك وَتَعَالَى قل لَا يعلم من فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض الْغَيْب إِلَّا الله وَلَا من سنة رَسُول الله بل قد جَاءَ عَنهُ أَنه قَالَ من أَتَى عرافا أَو كَاهِنًا أَو منجما فَصدقهُ بِمَا يَقُول فقد كفر بِمَا أنزل على مُحَمَّد وَلَا هَاهُنَا ضَرُورَة تَدْعُو إِلَى القَوْل بِهِ وَلَا هُوَ أول فِي الْمَعْقُول وَلَا يأْتونَ عَلَيْهِ ببرهان وَلَا دَلِيل

<<  <  ج: ص:  >  >>