جزئياته بحجج على سَبِيل النّظر والجدل فَظن أَنَّهَا برهَان لجهله بطرِيق الْبُرْهَان وطبيعته فَحصل من كَلَام هَذَا تجهيل أَصْحَاب الْأَحْكَام كَمَا حصل فِي كَلَام الصُّوفِي تَكْذِيب أَصْحَاب الأرصاد وَهَذَانِ رجلَانِ من عظمائهم وزعمائهم ثمَّ حدثت جمَاعَة أُخْرَى مِنْهُم المنجم الْمَعْرُوف بالفكري منجم الْحَاكِم بالديار المصرية وَكَانَ قد انْتَهَت إِلَيْهِ رياسة هَذَا الْعلم وَكَانَ قد قَرَأَ على من قَرَأَ على العاصمي فَوضع هُوَ وَأَصْحَابه رصدا آخر وَهُوَ الرصد الحاكمي وَخَالف فِيهِ أَصْحَاب الرصد الممتحن فِي أَشْيَاء وعَلى ذَلِك التَّفَاوُت بنوا الذريح الحاكمي وَكَانَ الْحَاكِم قد أَمرهم أَن يحذوا على فعل الْمَأْمُون فَأمر أَن يجتمعوا عِنْده فَاجْتمع المنجمون وَرَئِيسهمْ الفكري فوضعوا الذّبْح الحاكمي وخالفوا أَصْحَاب الرصد المأموني ومالوا أتباعهم إِلَى الرصد الحاكمي وَلَو اتّفق بعد ذَلِك رصد آخر لسلك أَصْحَابه فِي خلاف من تقدمهم مَسْلَك أوائلهم هَذَا ومستند لَهُم ومعولهم الْحس والحساب وهما هما لَا يقبلان التغليط فَمَا الظَّن بِمَا يَدعُونَهُ من علم الْأَحْكَام الَّذِي مبناه على هواجس الظنون وخيالات الأوهام ثمَّ حدثت جمَاعَة أُخْرَى مِنْهُم أَبُو الريحان الْبَيْرُوتِي مؤلف كتاب التفهيم إِلَى صناعَة التنجيم جمع فِيهِ بَين الهندسة والحساب والهيئة وَالْأَحْكَام وَكَانَ بعد كوشيار بِنَحْوِ من أَرْبَعِينَ سنة فَخَالف من تقدمه وأتى من مناقضتهم وَالرَّدّ عَلَيْهِم بِمَا هُوَ دَال على فَسَاد الصِّنَاعَة فِي نَفسهَا وَختم كِتَابه بقوله فِي الخبى وَالضَّمِير مَا أَكثر افتضاح المنجمين فِيهِ وَمَا أَكثر اصابة الراصدين فِيهِ بِمَا يستعملون من كَلَامه وَقت السُّؤَال ويرونه باديا من آثَار وأفعال على السَّائِل وَقَالَ وَعند الْبلُوغ إِلَى هَذَا الْموضع من صناعَة التنجيم كَافِيَة وَمن تعداه فقد عرض نَفسه وصناعته لما بلغت إِلَيْهِ الْآن من السخرية والاستهزاء فقد جهلها المتفقهون فِيهَا فضلا عَن المنتسبين إِلَيْهَا انْتهى كَلَامه
ثمَّ حدثت جمَاعَة أُخْرَى مِنْهُم أَبُو الصَّلْت أُميَّة بن عبد العزيز بن أُميَّة الأندلسي الشَّاعِر المنجم الطَّبِيب الأديب وَكَانَ بعد الْبَيْرُوتِي بِنَحْوِ من ثَمَانِينَ عَاما وَدخل مصر وَأقَام بهَا نَحْو عَاميْنِ وَلما كَانَ بالغرب توفيت وَالِدَة الْأمين على بن يميم صَاحب المهدية وَكَانَ قد وَافق مَوتهَا أَخْبَار المنجمين بذلك قبل وُقُوعه فَعمل أُميَّة قصيدة يرثيها وَهِي من مستحسن شعره فَقَالَ فِيهَا