وأجزل ثَوَابه وَبَين فِي هَذَا الْكتاب من أغاليط أَتبَاع الرصد الثَّانِي أمورا كَثِيرَة لعطارد المنجم وَمُحَمّد بن جَابر التباني وَعلي بن عِيسَى الْحَرَّانِي فَقَالَ فِي مُقَدّمَة كِتَابه وَلما رَأَيْت هَؤُلَاءِ الْقَوْم مَعَ ذكرهم فِي الْآفَاق وتقدمهم فِي الصِّنَاعَة وإقتداء النَّاس بهم واشتغالهم بمؤلفاتهم قد تبع كل وَاحِد مِنْهُم من تقدمه من غير تَأمل لخطئه وَصَوَابه بالعيان والنظروا أوهموا النَّاس بالرصد حَتَّى ظن كل من نظر فِي مؤلفاتهم أَن ذَلِك عَن معرفَة بالكواكب ومواضعها إِلَى أَن قَالَ ومعولهم على آلَات مصورة من عمل من لَا يعرف الْكَوَاكِب بِأَعْيَانِهَا وانما عولوا على مَا وجدوه فِي الْكتب من أطوالها وعروضها فرسموها فِي الكرة من غير معرفَة خطئها وصوابها ثمَّ قَالَ وَزَادُوا أَيْضا على أطوال الْكَوَاكِب أطوالا كَثِيرَة وعَلى عروضها دقائق يسيرَة ونقصوا مِنْهَا أوهموا بذلك أَنهم رصدوا الْكل وَأَنَّهُمْ وجدوا بَين أرصادهم وأوضاع بطليموس من الْخلاف فِي أطوالها وعروضها الْقدر الَّذِي خالفوا بِهِ سوى الزِّيَادَة الَّتِي وجدوها من حركاتها فِي الْمدَّة الَّتِي بَينهم وَبَينه من السنين من غير أَن عرفُوا الْكَوَاكِب بِأَعْيَانِهَا وَله تواليف أخر مشحونة بِبَيَان أغاليطهم وإيضاح أكاذيبه ٢ م وتخاليطهم وَشهد عَلَيْهِم بِأَنَّهُم تَارَة قلدوا فِي الْأَقْوَال النجومية وَتارَة قلدوا فِيمَا وجدوه من الصُّور الكوكبية فهم مقلدون فِي القَوْل وَالْعَمَل لَيْسَ مَعَ الْقَوْم بَصِيرَة وَشهد عَلَيْهِم بِأَنَّهُم مموهون مدلسون بل كاذبون مفترون من جِهَة أَنهم زادوا دقائق مَا بَين زمانهم وزمان بطليموس وأوهموا بهَا أَنهم رصدوا مَا رصده من قبلهم فعثروا على مَا لم يعثروا عَلَيْهِ ثمَّ حدثت جمَاعَة أُخْرَى مِنْهُم الكوشيار بن يَاسر بن الديلمي وَمن تآليفه الزيجات وَالْجَامِع والمجمل فِي الْأَحْكَام وَهُوَ عِنْدهم نِهَايَة فِي الْفَنّ وَكَانَ بعد الصُّوفِي بِنَحْوِ ثَلَاثِينَ عَاما وَذكر فِي مُقَدّمَة كِتَابه الْمُجْمل أَنِّي جمعت فِي هَذَا الْكتاب من أصُول صناعَة النُّجُوم وَالطَّرِيق إِلَى التَّصَرُّف فِيهَا مَا ظننته كَافِيا فِي مَعْنَاهُ مغنيا عَمَّا سواهُ وَأكْثر الْأَمر فِيمَا أخذت بِهِ أقرب طَرِيق عزوته إِلَى الْقيَاس وأوضح سَبِيل سلكته إِلَى الصَّوَاب إِذْ هِيَ صناعَة غير مبرهنة وللخواطر والظنون مجَال بِلَا نِهَايَة صَوَاب ومجال إِلَى أَن ذكر علم الْأَحْكَام فَقَالَ فِيهِ وَلَا سَبِيل للبرهان عَلَيْهِ وَلَا هُوَ مدرك بكليته نعم وَلَا بأكثره لن الشَّيْء الَّذِي يسْتَعْمل فِيهِ هَذَا الْعلم أشخاص النَّاس وَجَمِيع مَا دون الْفلك الْقمرِي مطبوع على الِانْتِقَال والتغيير وَلَا يثبت على حَال وَاحِدَة فِي أَكثر الْأَمر وَلَا للْإنْسَان بكامل الْقُوَّة من الحدس بخواص الْأَحْوَال الَّتِي تكون من امتزاجات الْكَوَاكِب فَبلغ من الصعوبة وتعسر الْوُقُوف عَلَيْهِ إِلَى أَن دَفعه بعض النَّاس وظنوا أَنه شَيْء لَا يُدْرِكهُ أحد الْبَتَّةَ وَأكْثر المنفردين بِالْعلمِ الأول يعْنى علم الْهَيْئَة يُنكرُونَ هَذَا الْعلم ويجحدون منفعَته وَيَقُولُونَ هُوَ شَيْء يَقع بالانفاق وَلَيْسَ عَلَيْهِ برهَان إِلَى أَن قَالَ وَمن المنفردين بِالْعلمِ الثَّانِي يعْنى علم الْأَحْكَام من يَأْتِي على
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute