فَلَا تَنْطَلِق أُصْبُعه بِهِ فَقلت يَا سَيِّدي هَذَا عُطَارِد والزهرة قد عملا عملهما فَأمره أَمِير الْمُؤمنِينَ فأظهر مَا أدعاه مِنْهُمَا وَكَانَ ذَلِك ضرب من الطلسمات فَمَا زَالَ بِهِ الْمَأْمُون أَيَّامًا كَثِيرَة حَتَّى أقرّ وتبرأ من دَعْوَى النُّبُوَّة وَوصف الْحِيلَة الَّتِي احتالها فِي الْخَاتم والقلم فوهب لَهُ الْمَأْمُون ألف دِينَار وَصَرفه فلقيناه بعد ذَلِك فَإِذا هُوَ أعلم النَّاس بِعلم النُّجُوم وَمن أكبر أَصْحَاب عبد الله الْقشيرِي وَهُوَ الَّذِي عمل طلسم الخنافس فِي دور بَغْدَاد قَالَ أَبُو معشر لَو كنت فِي الْقَوْم ذكرت أَشْيَاء خفيت عَلَيْهِم كنت أَقُول الدَّعْوَى بَاطِلَة من أَصْلهَا إِذْ البرج مُنْقَلب وَهُوَ الجدي وَالْمُشْتَرِي فِي الوبال وَالْقَمَر فِي المحاق والكوكبان الناظران إِلَى الطالع فِي برج كَذَّاب وَهُوَ الْعَقْرَب فَتَأمل كَيفَ اخْتلفت أحكامهم مَعَ اتِّحَاد الطالع وكل مِنْهُم يُمكنهُ تَصْحِيح حكمه بِشُبْهَة من جنس شُبْهَة الآخر فَلَو اتّفق أَن أدعى رجل صَادِق فِي ذَلِك الْوَقْت والطالع دَعْوَى ألم يكن ادعاؤه مُمكنا غير مُسْتَحِيل ودعواه صَحِيحَة فِي نَفسهَا أم تَقولُونَ انه لَا يُمكن أَن يدعى أحد فِي ذَلِك الْوَقْت والطالع دَعْوَى صَحِيحَة الْبَتَّةَ وَمن الْمَعْلُوم لجَمِيع الْعُقَلَاء أَنه يُمكن إِذْ ذَاك دعوتين من رجل محق ومبطل بذلك الطالع بِعَيْنِه فَمَا أسخف عقل من ارْتبط بِهَذَا الهذيان وَبني عَلَيْهِ جَمِيع حوادث الزَّمَان وَلَيْسَ بيد الْقَوْم إِلَّا مَا اعْترف بِهِ فاضلهم وزعيمهم أَبُو معشر
وَقَالَ شَاذان فِي الْكتاب الْمَذْكُور أَيْضا قلت لأبي معشر الذَّنب بَارِد يَابِس فَلم قُلْتُمْ انه يدل على التَّأْنِيث فَقَالَ هَكَذَا قَالُوا قلت فقد قَالُوا انه لَيْسَ بصادق اليبس لكنه بَارِد فَنظر لي فَقَالَ كل الْأَعْرَاض الغائبة توهم لَا يكون شَيْء مِنْهَا يَقِينا وانما يكون توهم أقوى من توهم