للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المفترون أَنه طالع سعد لَا يرى بِهِ فِي الدَّار مَكْرُوها فَقطعت يَده ونكب فِي آثاره أقبح نكبة نكبها وَزِير قبله وقتلى المنجمين أَكثر من أَن يحصيهم إِلَّا الله عز وَجل

الْوَجْه التَّاسِع عشر أَن هَؤُلَاءِ الْقَوْم قد أقرُّوا على أنفسهم وَشَهَادَة بَعضهم على بعض بِفساد أصُول هَذَا الْعلم وأساسه فقد كَانَ أوائلهم من الأقدمين وكبار رصادهم من عهد بطليموس وطيموحارسي حارس ومانالاوس قد حكمُوا فِي الْكَوَاكِب الثَّابِتَة بِمِقْدَار وَاتَّفَقُوا أَنه صَحِيح الِاعْتِبَار وَأقَام الْأَمر على ذَلِك فَوق سَبْعمِائة عَام وَالنَّاس لَيْسَ بِأَيْدِيهِم سوى تقليدهم حَتَّى كَانَ فِي عهد الْمَأْمُون فاتفق من رصادهم وحكامهم عُلَمَاء الْفَرِيقَيْنِ مثل خَالِد بن عبد الْملك الْمروزِي وَحسن صَاحب الزبج المأموني وَمُحَمّد بن الجهم وَيحيى بن أبي مَنْصُور على أَنهم امتحنوا رصد الْأَوَائِل فوجدوهم غالطين فِيمَا رصدوه فرصدوهم رصدا لأَنْفُسِهِمْ وحرروه وسموه الرصد الممتحن وجعلوه مبدأ ثَانِيًا بعد ذَلِك الزَّمن كَانَ لأوائلهم إِجْمَاع على صِحَة رصدهم ولهؤلاء إِجْمَاع على خطأهم فِيهِ فتضمن ذَلِك إِجْمَاع الْأَوَاخِر على الْأَوَائِل أَنهم كَانُوا غالطين واقرار الْأَوَاخِر على أنفسهم أَنهم كَانُوا بِالْعَمَلِ بِهِ مخطئين ثمَّ حدثت طَائِفَة أُخْرَى مِنْهُم كَبِيرهمْ وزعيمهم أَبُو معشر مُحَمَّد ابْن جَعْفَر وَكَانَ بعد الرصد الممتحن بِنَحْوِ من سِتِّينَ عَاما فَرد عَلَيْهِم وَبَين خطأهم كَمَا ذكر أَبُو سعيد ابْن شَاذان بن بَحر المنجم فِي كتاب أسرار النُّجُوم قَالَ قَالَ أَبُو معشر أَخْبرنِي مُحَمَّد بن مُوسَى المنجم الْحُلَيْس وَلَيْسَ الْخَوَارِزْمِيّ قَالَ حَدثنِي يحيى بن آبي مَنْصُور أَو قَالَ حَدثنِي مُحَمَّد بن مُحَمَّد الْحُلَيْس قَالَ دخلت على الْمَأْمُون وَعِنْده جمَاعَة المنجمين وَعِنْده رجل قد تنبأ وَقد دَعَا الْقُضَاة وَالْفُقَهَاء وَلم يحضروا بعد وَنحن لَا نعلم فَقَالَ لي وَلمن حضر من المنجمين اذْهَبُوا فَخُذُوا الطالع لدعوى رجل فِي شَيْء يَدعِيهِ وعرفوني بِمَا يدله عَلَيْهِ الْفلك من صدقه وَكذبه وَلم يعلمنَا الْمَأْمُون أَنه متنبيء فَجِئْنَا إِلَى نَاحيَة من الْقصر وأحكمنا أَمر الطالع وصورناه فَوَقع الشَّمْس وَالْقَمَر فِي دقيقة الطالع والطالع الجدي وَالْمُشْتَرِي فِي السنبلة ينظر إِلَيْهِ والزهرة وَعُطَارِد فِي الْعَقْرَب ينظر إِلَيْهِ فَقَالَ كل من حضر من المنجمين هَذَا الرجل صَحِيح لَا كذب فِيهِ قَالَ يحيى وَأَنا سَاكِت فَقَالَ لي الْمَأْمُون قل فَقلت هُوَ فِي طلب تَصْحِيحه وَله حجَّة زهرية وعطاردية وَتَصْحِيح مَا يَدعِيهِ لَا يتم لَهُ فَقَالَ من أَيْن قلت فَقلت لِأَن صِحَة الدَّعَاوَى من المُشْتَرِي وَهُوَ ينظر إِلَيْهِ زحل مُوَافقَة إِلَّا أَنه كَارِه لهَذَا البرج وَلَا يتم لَهُ التَّصْدِيق وَلَا التَّصْحِيح وَالَّذِي قَالُوهُ إِنَّمَا هُوَ من حجَّة عطاردية وزهرية وَذَلِكَ يكون من جنس التحسين والتزويق وَالْخداع عَن غير حَقِيقَة فَقَالَ لله دَرك ثمَّ قَالَ تَدْرُونَ مَا يدعى هَذَا الرجل قُلْنَا لَا قَالَ هَذَا يدعى النُّبُوَّة فَقلت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ وَمَعَهُ شَيْء يحْتَج بِهِ فَسَأَلَهُ فَقَالَ نعم معي خَاتم ذُو فصين ألبسهُ فَلَا يتَغَيَّر مني شَيْء ويلبسه غَيْرِي فَلَا يَتَمَالَك من الضحك حَتَّى يَنْزعهُ وَمَعِي قلم شَامي أكتب بِهِ وَيَأْخُذهُ غَيْرِي

<<  <  ج: ص:  >  >>