للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الِاسْتِخْلَاف عَام فِي الامة وَخِلَافَة الله الَّتِي ذكرهَا امير الْمُؤمنِينَ خَاصَّة بخواص الْخلق فَالْجَوَاب ان الِاخْتِصَاص الْمَذْكُور افاد اخْتِصَاص الاضافة فالاضافة هُنَا للتشريف والتخصيص كَمَا يُضَاف اليه عباده كَقَوْلِه تَعَالَى إِن عبَادي لَيْسَ لَك عَلَيْهِم سُلْطَان وَعباد الرَّحْمَن الَّذين يَمْشُونَ على الارض هونا ونظائرهما وَمَعْلُوم ان كل الْخلق عباد لَهُ فخلفاء الارض كالعباد فِي قَوْله وَالله بَصِير بالعباد {وَمَا الله يُرِيد ظلما للعباد} وخلفاء الله فِي قَوْله {إِن عبَادي لَيْسَ لَك عَلَيْهِم سُلْطَان} ونظائره وَحَقِيقَة اللَّفْظَة ان الْخَلِيفَة هُوَ الَّذِي يخلف الذَّاهِب أَي يَجِيء بعده يُقَال خلف فلَان فلَانا واصلها خليف بِغَيْر هَاء لانها فعيل بِمَعْنى فَاعل كالعليم والقدير فَدخلت التَّاء للْمُبَالَغَة فِي الْوَصْف كراوية وعلامة وَلِهَذَا جمع جمع فعيل فَقيل خلفاء كشريف وشرفاء وكريم وكرماء وَمن راعي لَفظه بعد دُخُول التَّاء عَلَيْهِ جُمُعَة مَعَه على فعائل فَقَالَ خلائف كعقيلة وعقائل وظريفة وظرائف وَكِلَاهُمَا ورد بِهِ الْقُرْآن هَذَا قَول جمَاعَة من النُّحَاة وَالصَّوَاب ان التَّاء إِنَّمَا دخلت فِيهَا للعدل عَن الْوَصْف الى الِاسْم فَإِن الْكَلِمَة صفة فِي الاصل ثمَّ اجريت مجْرى الاسماء فالحقت التَّاء لذَلِك كَمَا قَالُوا نطيحة بِالتَّاءِ فَإِذا اجروها صفة قَالُوا شَاة نطيح كماي يَقُولُونَ كف خضيب والا فَلَا معنى للْمُبَالَغَة فِي خَليفَة حَتَّى تلحقها تَاء الْمُبَالغَة وَالله اعْلَم وَقَوله ودعته الى دينه الدعاة جمع دَاع كقاض قُضَاة ورام ورماة وإضافتهم الى اليه للاختصاص أَي الدعاة المخصوصون بِهِ الَّذين يدعونَ الى دينه وعبادته ومعرفته ومحبته وهؤلاءهم خَواص خلق الله وافضلهم عِنْد الله منزلَة وَأَعْلَاهُمْ قدرا يدل على ذَلِك الْوَجْه الثَّلَاثُونَ بعد الْمِائَة وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {وَمن أحسن قولا مِمَّن دَعَا إِلَى الله وَعمل صَالحا وَقَالَ إِنَّنِي من الْمُسلمين} قَالَ الْحسن هُوَ الْمُؤمن اجاب الله فِي دَعوته ودعا النَّاس الى مَا أجَاب الله فِيهِ من دَعوته وَعمل صَالحا فِي إجَابَته فَهَذَا حبيب الله هَذَا ولي الله فمقام الدعْوَة الى الله افضل مقامات العَبْد قَالَ تَعَالَى وانه لما قَامَ عبد الله يَدعُوهُ كَادُوا يكونُونَ عَلَيْهِ لبدا وَقَالَ تَعَالَى {ادْع إِلَى سَبِيل رَبك بالحكمة وَالْمَوْعِظَة الْحَسَنَة وجادلهم بِالَّتِي هِيَ أحسن} جعل سُبْحَانَهُ مَرَاتِب الدعْوَة بِحَسب مَرَاتِب الْخلق فالمتسجيب الْقَابِل الذكي الَّذِي لَا يعاندالحق وَلَا يأباه يدعى بطرِيق الْحِكْمَة والقابل الَّذِي عِنْده نوع غَفلَة وَتَأَخر يدعى بِالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَة وَهِي الامر وَالنَّهْي المقرون بالرغبة والرهبة والمعاند الجاحد يُجَادِل بِالَّتِي هِيَ احسن هَذَا هُوَ الصَّحِيح فِي معنى هَذِه الاية لَا مَا يزْعم اسير منطق اليونان ان الْحِكْمَة قِيَاس الْبُرْهَان وَهِي دَعْوَة الْخَواص وَالْمَوْعِظَة الْحَسَنَة قِيَاس الخطابة وَهِي دَعْوَة الْعَوام والمجادلة بِالَّتِي هِيَ احسن الْقيَاس الجدلي وَهُوَ رد شغب المشاغب بِقِيَاس جدلي مُسلم الْمُقدمَات وَهَذَا بَاطِل وَهُوَ مَبْنِيّ على اصول

<<  <  ج: ص:  >  >>