فِي الْحَرَكَة على الدَّوَام من غير فتور فِي حركتها وَلَا تغير فِي سَيرهَا بلت جري فِي منَازِل قد رتبت لَهَا بِحِسَاب مُقَدّر لَا يزِيد وَلَا ينقص الى ان يطويها فاطرها وبديعها وَانْظُر الى كثرت كواكبها وَاخْتِلَاف الوانها ومقاديرها فبعضها يمِيل الى الْحمرَة وَبَعضهَا الى البيضا وَبَعضهَا الى اللَّوْن الرصاصي ثمَّ انْظُر الى مسير الشَّمْس فِي فلكها فِي مُدَّة سنة ثمَّ هِيَ فِي كل يَوْم تطلع وتغرب بسير سخرها لَهُ خَالِقهَا لَا تتعداه وَلَا تقصر عَنهُ وَلَوْلَا طُلُوعهَا وغروبهالما عرف اللَّيْل وَالنَّهَار وَلَا الْمَوَاقِيت ولاطبق الظلام على الْعَالم اَوْ الضياء وَلم يتَمَيَّز وَقت المعاش من وَقت السبات والراحة وَكَيف قدر لَهَا السَّمِيع الْعَلِيم سفرينمتباعدين احدهما سفرها صاعدة الى اوجها وَالثَّانِي سفرها هابطة الى حضيضها تنْتَقل فِي منَازِل هَذَا السّفر منزلَة منزلَة حَتَّى تبلغ غايتها مِنْهُ فاحدث ذَلِك السّفر بقدرة الرب الْقَادِر اخْتِلَاف الْفُصُول من الصَّيف والشتاء والخريف وَالربيع فَإِذا انخفض سَيرهَا عَن وسط السَّمَاء برد الْهَوَاء وَظهر الشتَاء وَإِذا اسْتَوَت فِي وسط السَّمَاء اشْتَدَّ القيظ وَإِذا كَانَت بَين المسافتين اعتدل الزَّمَان وَقَامَت مصَالح الْعباد وَالْحَيَوَان والنبات بِهَذِهِ الْفُصُول الاربعة وَاخْتلفت بِسَبَبِهَا الاقوات واحوال النَّبَات والوانه وَمَنَافع الْحَيَوَان والاغذية وَغَيرهَا وَانْظُر الى الْقَمَر وعجائب آيَاته كَيفَ يبديه الله كالخيط الدَّقِيق ثمَّ يتزايد نوره ويتكامل شَيْئا فَشَيْئًا كل لَيْلَة حَتَّى يَنْتَهِي الى ابداره وكماله وَتَمَامه ثمَّ يَأْخُذ فِي النُّقْصَان حَتَّى يعود الى حَالَته الاولى ليظْهر من ذَلِك مَوَاقِيت الْعباد فِي معاشهم وعبادتهم ومناسكهم فتميزت بِهِ الاشهر والسنين وَقَامَ حِسَاب الْعَالم مَعَ مَا فِي ذَلِك من الحكم والايات والعبر الَّتِي لَا يحصيها الا الله وَبِالْجُمْلَةِ فَمَا من كَوْكَب من الْكَوَاكِب الا وللرب تبَارك وَتَعَالَى فِي خلقه حكم كَثِيرَة ثمَّ فِي مِقْدَاره ثمَّ فِي شكله ولونه ثمَّ فِي مَوْضِعه من السَّمَاء وقربه من وَسطهَا وَبعده وقربه من الْكَوْكَب الَّذِي يَلِيهِ وَبعده مِنْهُ وَإِذا اردت معرفَة ذَلِك على سَبِيل الاجمال فقسه باعضاء بدنك واختلافها وتفاوت اما بَين المتجاورات مِنْهَا وَبعد مَا بَين المتباعدات وأشكالها ومقاديرها وتفاوت منافعا وَمَا خلقت لَهُ وَأَيْنَ نِسْبَة ذَلِك الى عظم السَّمَوَات وكواكبها وآياتها وَقد اتّفق أَرْبَاب الْهَيْئَة على ان الشَّمْس بِقدر الارض مائَة مرّة ونيفا وَسِتِّينَ مرّة وَالْكَوَاكِب الَّتِي نرَاهَا كثير مِنْهَا اصغرها بِقدر الارض وَبِهَذَا يعرف ارتفاعها وَبعدهَا وَفِي حَدِيث ابي هُرَيْرَة الَّذِي رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ ان بَين الارض وَالسَّمَاء مسيرَة خَمْسمِائَة عَام وَبَين كل سماءين كَذَلِك وانت ترى الْكَوْكَب كانه لَا يسير وَهُوَ من اول جُزْء من طلوعه الى تَمام طلوعه يكون فلكه قد طلع بِقدر مَسَافَة الارض مائَة مرّة اَوْ اكثر وَذَلِكَ بعد لَحْظَة وَاحِدَة لَان الْكَوْكَب إِذا كَانَ بِقدر الارض مائَة مرّة مثلا ثمَّ سَار فِي اللحظة من مَوضِع الى مَوضِع فقد قطع بِقدر مَسَافَة الارض مائَة مرّة وَزِيَادَة فِي لَحْظَة من اللحظات وَهَكَذَا يسير على الدَّوَام وَالْعَبْد غافل
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute