للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِمَا يكون سَببا لصلاح الْأمة فِي معاشها ومعادها وَأما أَسبَاب الْكُسُوف وحسابه وَالنَّظَر فِي ذَلِك فَإِنَّهُ من الْعلم الَّذِي لايضر الْجَهْل بِهِ وَلَا ينفع نفع الْعلم بِمَا جَاءَت بِهِ الرُّسُل وَبَين عُلُوم هَؤُلَاءِ فَكيف نصْنَع بِالْحَدِيثِ الصَّحِيح عَن النبى أَن الشَّمْس وَالْقَمَر آيتان من آيَات الله لَا ينخسفان لمَوْت أحد وَلَا لِحَيَاتِهِ فَإِذا رَأَيْتُمْ ذَلِك فافزعوا إِلَى ذكر الله وَالصَّلَاة فَكيف يلائم هَذَا مَا قَالَه هَؤُلَاءِ فِي الْكُسُوف قيل وأى مناقضة بَينهمَا وَلَيْسَ فِيهِ إِلَّا نفي تَأْثِير الْكُسُوف فِي الْمَوْت والحياة على أحد الْقَوْلَيْنِ أَو نفي تَأْثِير النيرين بِمَوْت أحد أَو حَيَاته على القَوْل الآخر وَلَيْسَ فِيهِ تعرض لإبطال حِسَاب الْكُسُوف وَإِلَّا الْأَخْبَار بِأَنَّهُ من الْغَيْب الذى لَا يُعلمهُ إِلَّا الله وَأمر النَّبِي عِنْده بِمَا أَمر بِهِ من الْعتَاقَة وَالصَّلَاة وَالدُّعَاء وَالصَّدَََقَة كأمره بالصلوات عِنْد الْفجْر والغروب والزوال مَعَ تضمن ذَلِك دفع مُوجب الْكُسُوف الَّذِي جعله الله سُبْحَانَهُ سَببا لَهُ فشرع النَّبِي للْأمة عِنْد انْعِقَاد هَذَا السَّبَب مَا هُوَ أَنْفَع لَهُم وأجدى عَلَيْهِم فِي دنياهم وأخراهم من اشتغالهم بِعلم الْهَيْئَة وشأن الْكُسُوف وأسبابه فَإِن قيل فَمَا تَصْنَعُونَ بِالْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ ابْن مَاجَه فِي سنَنه وَالْإِمَام أَحْمد والنسائى من حَدِيث النُّعْمَان بن بشير قَالَ انكسفت الشَّمْس على عهد النبى فَخرج فَزعًا يجر ثَوْبه حَتَّى أُتِي الْمَسْجِد فَلم يزل يصلى حَتَّى انجلت ثمَّ قَالَ أَن نَاسا يَزْعمُونَ أَن الشَّمْس وَالْقَمَر لَا ينكسفان إِلَّا لمَوْت عَظِيم من العظماء وَلَيْسَ كَذَلِك أَن الشَّمْس وَالْقَمَر لَا ينكسفان لمَوْت أحد وَلَا لِحَيَاتِهِ فَإِذا تجلى الله لشىء من خلقه خشع لَهُ

قيل قد قَالَ أَبُو حَامِد الغزالى ان هَذِه الزِّيَادَة لم يَصح نقلهَا فَيجب تَكْذِيب قَائِلهَا وَإِنَّمَا المروى مَا ذكرنَا يعْنى الحَدِيث الَّذِي لَيست هَذِه الزِّيَادَة فِيهِ قَالَ وَلَو كَانَ صَحِيحا لَكَانَ تَأْوِيله أَهْون من مُكَابَرَة أُمُور قَطْعِيَّة فكم من ظواهر أولت بالأدلة الْعَقْلِيَّة الَّتِى لَا تتبين فِي الوضوح إِلَى هَذَا الْحَد وَأعظم فانفرج بِهِ الملحدة ان يُصَرح نَاصِر الشَّرْع بِأَن هَذَا وامثاله على خلاف الشَّرْع فيسهل عَلَيْهِ طَرِيق إبِْطَال الشَّرْع وَإِن كَانَ شَرطه أَمْثَال ذَلِك وَلَيْسَ الْأَمر فِي هَذِه الزِّيَادَة كَمَا قَالَه أَبُو حَامِد فَأن اسنادها لَا مطْعن فِيهِ قَالَ ابْن مَاجَه حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى وَأحمد بن ثَابت وَحميد بن الْحسن قَالُوا حَدثنَا عبد الْوَهَّاب قَالَ حَدثنَا خَالِد الْحذاء عَن أبي قلَابَة عَن النُّعْمَان بن بشير فَذكره وَهَؤُلَاء كلهم ثِقَات حفاظ لَكِن لَعَلَّ هَذِه اللَّفْظَة مدرجة فِي الحَدِيث من كَلَام بعض الروَاة وَلِهَذَا لَا تُوجد فِي سَائِر أَحَادِيث الْكُسُوف فقد رَوَاهَا عَن النَّبِي بضعَة عشر صحابيا عَائِشَة أم الْمُؤمنِينَ وَأَسْمَاء بنت أبي بكر وعَلى بن أبي طَالب وَأبي بن كَعْب وَأَبُو هُرَيْرَة وَعبد الله بن عَبَّاس وَعبد الله بن عمر وَجَابِر بن عبد الله فِي حَدِيثه وَسمرَة بن جُنْدُب وَقبيصَة الهلالى وَعبد الرَّحْمَن بن سَمُرَة فَلم يذكر أحد مِنْهُم هَذِه اللَّفْظَة الَّتِى ذكرت فِي حَدِيث النُّعْمَان بن بشير فَمن هَهُنَا نَخَاف أَن تكون أدرجت فِي الحَدِيث إدراجا

<<  <  ج: ص:  >  >>