للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا يتطير مِنْهُ شَيْئا قَالَ ابْن مَسْعُود مَا منا إِلَّا من يعْنى يتطير وَلَكِن الله يذهبه بالتوكل وَقد روى مَرْفُوعا وَالصَّوَاب عَن ابْن مَسْعُود قَوْله فالطيرة إِنَّمَا تصيب المتطير لشركه وَالْخَوْف دَائِما مَعَ الشّرك وَإِلَّا من دَائِما مَعَ التَّوْحِيد قَالَ تَعَالَى حِكَايَة عَن خَلِيله إِبْرَاهِيم أَنه قَالَ فِي محاجته لِقَوْمِهِ وَكَيف أَخَاف مَا أشركتم بِهِ وَلَا تخافون أَنكُمْ أشركتم بِاللَّه مَا لم ينزل بِهِ عَلَيْكُم سُلْطَانا فَأَي الْفَرِيقَيْنِ أَحَق بالأمن إِن كُنْتُم تعلمُونَ فَحكم الله عز وَجل بَين الْفَرِيقَيْنِ بِحكم فَقَالَ الَّذين آمنُوا وَلم يلبسوا إِيمَانهم بظُلْم أُولَئِكَ لَهُم الْأَمْن وهم مهتدون وَقد صَحَّ عَن رَسُول الله صلى الله علية وَسلم تَفْسِير الظُّلم فِيهَا بالشرك وَقَالَ ألم تسمعوا قَول العَبْد الصَّالح إِن الشّرك لظلم عَظِيم فالتوحيد من أقوى أَسبَاب الْأَمْن من المخاوف والشرك من أعظم أَسبَاب حُصُول المخاوف وَلذَلِك من خَافَ شَيْئا غير الله سلط عَلَيْهِ وَكَانَ خَوفه مِنْهُ هُوَ سَبَب تسليطه عَلَيْهِ وَلَو خَافَ الله دونه وَلم يخفه لَكَانَ عدم خَوفه مِنْهُ وتوكله على الله من أعظم أَسبَاب نجاته مِنْهُ وَكَذَلِكَ من رجا شَيْئا غير الله حرم مَا رجاه مِنْهُ وَكَانَ رجاؤه غير الله من أقوي أَسبَاب حرمانه فَإِذا رجا الله وَحده كَانَ تَوْحِيد رجائه أقوى أَسبَاب الْفَوْز بِمَا رجاه أَو بنظيره أَو بِمَا هُوَ أَنْفَع لَهُ مِنْهُ وَالله الْمُوفق للصَّوَاب وَليكن هَذَا آخر الْكتاب وَقد جلبت إِلَيْك فِيهِ نفائس فِي مثلهَا يتنافس الْمُتَنَافسُونَ وجليت عَلَيْك فِيهِ عرائس إِلَى مِثْلهنَّ بَادر الخاطبون فَإِن شِئْت اقتبست مِنْهُ معرفَة الْعلم وفضله وَشدَّة الْحَاجة إِلَيْهِ وشرفه وَشرف أَهله وَعظم موقعه فِي الدَّاريْنِ وَإِن شِئْت اقتبست مِنْهُ معرفَة إِثْبَات الصَّانِع بطرق واضحات جليات تلج الْقُلُوب بِغَيْر اسْتِئْذَان وَمَعْرِفَة حكمته فِي خلقه وَأمره وَإِن شِئْت اقتبست مِنْهُ معرفَة قدر الشَّرِيعَة وَشدَّة الْحَاجة إِلَيْهَا وَمَعْرِفَة جلالتها وحكمتها وَإِن شِئْت اقتبست مِنْهُ معرفَة النُّبُوَّة وَشدَّة الْحَاجة إِلَيْهَا بل وضرورة الْوُجُود إِلَيْهَا وَأَنه يَسْتَحِيل من أحكم الْحَاكِمين أَن يخلى الْعَالم عَنْهَا وَإِن شِئْت اقتبست مِنْهُ معرفَة مَا فطر الله عَلَيْهِ الْعُقُول من تَحْسِين الْحسن وتقبيح الْقَبِيح وَإِن ذَلِك أَمر عَقْلِي فطرى بالأدلة والبراهين الَّتِي اشْتَمَل عَلَيْهَا هَذَا الْكتاب فَلَا تُوجد فِي غَيره وَإِن شِئْت اقتبست مِنْهُ معرفَة الرَّد على المنجمين الْقَائِلين بِالْأَحْكَامِ بأبلغ طرق الرَّد من نفس صناعتهم وعلمهم وإلزامهم بالألزامات المفخمة الَّتِي لَا جَوَاب لَهُم عَنْهَا وإبداء تناقضهم فِي صناعتهم وفضائحهم وكذبهم على الْخلق وَالْأَمر وَإِن شِئْت اقتبست مِنْهُ معرفَة الطَّيرَة والفأل والزجر وَالْفرق بَين صَحِيح ذَلِك وباطلة وَمَعْرِفَة مَرَاتِب هَذِه فِي الشَّرِيعَة وَالْقدر وَإِن شِئْت اقتبست مِنْهُ أصولا نافعة جَامِعَة مِمَّا تكمل بِهِ النَّفس البشرية وتنال بهَا سعادتها فِي معاشها ومعادها إِلَى غير ذَلِك من الْفَوَائِد الَّتِي مَا كَانَ مِنْهَا صَوَابا فَمن الله وَحده هُوَ ألمان بِهِ وَمَا كَانَ مِنْهَا من خطأ فَمن مُؤَلفه وَمن الشَّيْطَان وَالله بَرِيء مِنْهُ وَرَسُوله وَالله سُبْحَانَهُ الْمَسْئُول والمرغوب إِلَيْهِ المأمول أَن

<<  <  ج: ص:  >  >>