للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الخائن٣٧٧. فقال الرهط لعمر: يا أمير المؤمنين، اقض بينهما وارح أحدهما من الآخر. فقال عمر: أنشدكم الله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض، هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال:"لا نورث، ما تركنا صدقة" يريد بذلك نفسه؟ قالوا: قد قال ذلك. فأقبل على العباس وعلي فقال: أنشدكما الله، هل تعلمان أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال ذلك؟ قالا: نعم. قال عمر: إن الله خص رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في هذا الفيء بشيء لم يعطه أحدا غيره، فعمل فيها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حياته، ثم توفى، فقال أبو بكر: أنا ولي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقبضها سنتين في إمارته فعمل فيها بما عمل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. وأنتما تزعمان أن أبا بكر، كاذب غادر خائن٢٧٨، والله ليعلم أنه لصادق بار راشد تابع للحق ... وذكر الحديث.

قلنا: أما قول العباس لعلي فقول الأب للابن، وذلك على الراس محمول، وفي سبيل المغفرة مبذول، وبين الكبار والصغار-فكيف الآباء والأبناء- مغفور موصول. وأما قول عمر أنهما اعتقدا أن أبا بكر ظالم خائن غادر وكذلك اعتقد فيه، فإنما ذلك خبر عن الاختلاف في نازلة وقعت من الأحكام، رأى فيها هذا رأيا ورأى فيها أولئك لأيا، فحكم أبو بكر


٣٧٧ تقدم ذكر هذا التقاضي بين العباس وعلى عند أمير المؤمنين عمر من حديث مالك بن أوس بن الحدثان النصرى في صحيح البخاري. قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري ك٥٧ ب١ ج٦ ص١٢٥: زاد شعيب ويونس: فاستبد علي والعباس وفي رواية عقيل عن ابن شهاب في الفرائض: اقض بين وبين هذا الظالم. استبا وفي رواية جويرية وبين هذا الكاذب الآثم الغادر الخائن. قال الحافظ: ولم أر في شيء من الطرق أنه صدر من علي في حق العباس شيء، بخلاف ما يفهم من قوله في رواية عقيل استبا. واستصوب المازري صنيع من حذف هذه الألفاظ من هذا الحديث وقال: لعل بعض الرواة وهم فيها وإن كانت محفوظة، فأجود ما تحمل عليه أن العباس قالها دلالا علي علي، لأنه كان عنده بمنزلة الولد، فأراد ردعه عمايعتقد أنه مخطيء فيه. خ.
٣٧٨ قال الحافظ ابن حجر ١٢٥:٦: وكان الزهري يحدث به تارة فيصرح، وتارة فيكنى، وكذلك مالك، وقد حذف ذلك في رواية بشر بن عمر عنه عند الإسماعيلي وغيره، وهو نظير ما سبق من قول العباس لعلي، إلخ. خ.

<<  <   >  >>