١٥٨٤ - عن أبى بشر عنه، قال: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة والنجم فلما بلغ (أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى) ألقى الشيطان على لسانه تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترتجى، فقال المشركون: ماذكر آلهتنا بخير قبل اليوم فسجد وسجد فنزلت هذه الآية.
** ابن أبى حاتم الطبرى ابن المنذر
(فتح الباري ٤٣٩/٨)
** قال الحافظ فى " الفتح " ٨ / ٤٣٩: أخرجه البزار وابن مردويه من طريق أمية بن خالد عن شعبة فقال فى إسناده: عن سعيد بن جبير عن ابن عباس فيما أحسب، ثم ساق الحديث، وقال البزار: لايروى متصلا إلا بهذا الإسناد، تفرد بوصله أمية بن خالد وهو ثقة مشهور، قال: وإنما يروى هذا من طريق الكلبى عن أبى صالح عن ابن عباس أ. هـ. والكلبى متروك ولا يعتمد عليه، وكذا أخرجه النحاس بسند آخر فيه الواقدى وذكره ابن إسحق فى السيرة مطولا، وأسندها عن محمد بن كعب وكذلك موسى بن عقبة فى المغازى عن ابن شهاب الزهرى، وكذا ذكره أبو معشر فى السيرة له عن محمد بن كعب القرظى ومحمد بن قيس وأورده من طريقه الطبرى وأورده ابن أبى حاتم من طريق أسباط عن السدى، ورواه ابن مردويه من طريق عباد بن صهيب عن يحيى بن كثير عن الكلبى عن أبى صالح، وعن أبى بكر الهذلى وأيوب عن عكرمة وسليمان التيمى عمن حدثه ثلاثتهم عن ابن عباس، وأوردها الطبرى أيضا من طريق العوفى عن ابن عباس ومعناهم كلهم فى ذلك واحد، وكلها سوى طريق سعيد بن جبير إما ضعيف وإلا منقطع لكن كثرة الطرق تدل على أن للقصة أصلا، مع أن لها طريقين آخرين مرسلين رجالهما على شرط الصحيحين أحدهما ما أخرجه الطبرى من طريق يونس بن يزيد عن ابن شهاب، حدثنى أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام فذكر نحوه، والثانى ما أخرجه أيضا من طريق المعتمر بن سليمان وحماد بن
سلمة فرقهما عن داود ابن أبى هند عن أبى العالية، وقد تجرأ أبو بكر بن العربى كعادته فقال: ذكر الطبرى فى ذلك روايات كثيرة باطلة لا أصل لها وهو إطلاق مردود عليه وكذا قول عياض هذا الحديث لم يخرجه أحد من أهل الصحة ولا رواه ثقة بسند سليم متصل مع ضعف نقلته وإضطراب رواياته وانقطاع إسناده، وكذا قوله: ومن حملت عنه هذه القصة من التابعين والمفسرين لم يسندها أحد منهم ولا رفعها إلى صاحب، وأكثر الطرق عنهم فى ذلك ضعيفة واهية، قال: وقد بين البزار أنه لا يعرف من طريق يجوز ذكره إلا طريق أبى بشر عن سعيد بن جبير مع الشك الذى وقع فى وصله، وأما الكلبى فلا تجوز الرواية عنه لقوة ضعفه
ثم رده من طريق النظر بأن ذلك لو وقع لارتد كثير ممن أسلم، قال: ولم ينقل ذلك أ. هـ. وجميع ذلك لا يتمشى على القواعد، فإن الطرق إذا كثرت وتباينت مخارجها دل ذلك على أن لها أصلا، وقد ذكرت أن ثلاثة أسانيد منها على شرط الصحيحين وهى مراسيل يحتج بمثلها من يحتج بالمرسل وكذا من لايحتج به لاعتضاد
بعضها ببعض، وإذا تقرر ذلك تعين تأويل ماوقع فيها مما ييستنكر وهو قوله: ألقى الشيطان على لسانه تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترتجى، فإن ذلك لا يجوز حمله على ظاهره لأنه يستحيل عليه صلى الله عليه وسلم أن يزيد فى القرآن عمدا ماليس منه، وكذا سهوا إذا كان مغايرا لما جاء به من التوحيد لمكان عصمته وقد سلك العلماء فى ذلك مسالك، فقيل: جرى ذلك على لسانه حين أصابته سنة وهو لا يشعر فلما علم بذلك أحكم الله آياته، وهذا أخرجه الطبرى عن قتادة ورده عياض بأنه لا يصح لكونه لا يجوز على النبى صلى الله عليه وسلم ذلك.