٥٨٥٩ - عن ابن عباس قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة لعشر مضين من رمضان، فصام وصام الناس، حتى إذا كان بالكديد أفطر فنزل مر الظهران فى عشرة آلاف من الناس، فيهم الف من مزينة وسبعمائة من بنى سليم، وقد عميت الأخبار على قريش، فلا يأتيهم خبر عن النبى صلى الله عليه وسلم، ولا يدرون ما هو فاعله، وقد خرج تلك الليلة أبو سفيان بن حرب وحكيم بن حزام، وبديل بن ورقاء الخزاعى، يتحسسون الأخبار، قال العباس: فلما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث نزل قلت: واصباح قريش، والله لئن دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة عنوة، ليكونن هلاكهم إلى آخر الدهر، فركبت بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم البيضاء حتى جئت الأراك، رجاء أن ألتمس بعض الحطابة أو صاحب لبن، أو ذا حاجة يأتى مكة، فيخبرهم بأمر رسول الله صلى الله
عليه وسلم فيخرجوا اليه، فوالله إنى لأسير ألتمس ما جئت له، إذ سمعت كلام أبى سفيان وبديل بن ورقاء، وهما يتراجعان، فقال أبو سفيان: والله ما رأيت كالليلة نيرانا، ولا عسكرا، فقال له بديل: هذه والله خزاعة، قد خمشها الحرب، فقال أبو سفيان: خزاعة والله أقل وأذل من أن تكون هذه نيرانها، فقلت: ياأبا حنظلة، تعرف صوتى؟ ، فقال: أبو الفضل؟ قلت: نعم، قال: مالك فداك أبى وأمى؟ فقلت: هذا والله رسول الله فى الناس، واصباح قريش قال: فما الحيلة، فداك أبى وأمى؟ قال: قلت: والله لئن ظفر بك ليضربن عنقك، فاركب عجز هذه البغلة، فركب ورجع صاحباه، فخرجت به فكلما مررت بنار من نيران المسلمين، فقالو: ما هذا؟ ، فإذا رأوا بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها عمه، قالوا: هذه بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها عمه، حتى مررنا بنار عمر بن الخطاب فقال: من هذا؟ وقام إلى فلما رآه على عجز البغلة عرفه فقال: والله عدو الله، الحمد لله الذى أمكن منك فخرج يشتد نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخل ورفعت البغلة فسبقته بقدر ما تسبق الدابة البطيئة الرجل البطىء، فاقتحمت عن البغلة، فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخل عمر، فقال: هذا عدو الله أبو سفيان قد أمكن الله منه، فى غير عهد ولا عقد فدعنى أضرب عنقه، فقلت: قد أجرته يا رسول الله، ثم جلست إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذت برأسه، فقلت: والله لا يناجيه الليلة رجل دونى، فلما أكثر عمر، قلت: مهلا يا عمر فوالله لو كان رجلا من بنى عدى ما قلت هذا، ولكنه من بنى عبد مناف، فقال: مهلا يا عباس، لا تقل هذا فوالله لإسلامك حين أسلمت كان أحب إلى من إسلام الخطاب أبى لو أسلم، وذلك أنى عرفت أن إسلامك أحب إلى رسول الله من إسلام الخطاب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" يا عباس اذهب به إلى رحلك، فإذا أصبحت فأتنا به "، فذهبت به إلى الرحل، فلما أصبحت غدوت به، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" ويحك يا أبا سفيان، ألم يأن لك أن تعلم أن لا إله إلا الله؟ "، فقال: بأبى وأمى ما أحلمك، وأكرمك وأوصلك وأعظم عفوك، أما هذا فكأن فى النفس منها حتى الأن شىء، قال العباس: فقلت: ويلك أسلم واشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله قبل أن يضرب عنقك، فشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، قال العباس: فقلت: يا رسول الله إن أبا سفيان يحب الفخر، فاجعل له شيئا، فقال:" نعم من دخل دار أبى سفيان فهو آمن، ومن أغلق بابه فهو آمن "، فلما انصرف إلى مكة ليخبرهم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" احبسه بمضيق من الوادى عند حطم الخيل حتى يمر به جنود الله "، فحبسه العباس حيث أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم.
** سحق
(المطالب العالية ٢٤٤/٤)
** صحيح
** قال الحافظ فى " المطالب " ٤ / ٢٤٨: هذا حديث صحيح.