للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحسن: قولي له: لو أن الأخ الكافر الفاسق رفع رأسه من الدرك الأسفل من النار، فقال: يارب العالمين ويا أحكم الحاكمين ويا أرحم الراحمين، كما علمت من ذلك الأخ الصغير أنه لو بَلَغَ كَفَرَ، علمت مني ذلك، فلم راعيت مصلحته وما راعيت مصلحتي؟ قال الراوي: فلما وصل الكلام إلى هذا الموضع انقطع الجبائي، فلما نظر أبو الحسن، علم أن هذه المسألة منه، لا من العجوز (١). وقد انتقد مؤلف نشأة الأشعرية وتطورها، هذه المناظرة فقال: إن العقل لا يقبل أن تكون مسألة كهذه سبباً في ترك مذهب اعتنقه الأشعري أربعين عاماً، وإنما الرواية وضعت لبيان عجز الجبائي، وتفوق الأشعري عليه، ونحن لا نمانع أن يكون التلميذ أبلغ من أستاذه، ولكن ذلك لا يكون دافعاً لترك قوله (٢).

قلت: ودعوى الوضع هنا، ليس مقبولاً، لافتقاره للأدلة، كما أن احتجاجه بأن مثل هذا السبب لا يكون دافعاً لترك هذا المذهب الذي عاش فيه أربعين سنة، ليس بحجة، لأن الإنسان قد يعيش في الكفر ستين أو سبعين سنة أو أكثر أو أقل، ثم بعد ذلك يستجيب للإسلام، فإذا كان هذا ملموساً واقعاً، ومقبولاً عقلاً، على أنه تخلى عما كان عليه بالكلية، فكيف بمسلم قد ضل عن الحق مع بقاء أصل الإسلام عنده؟ فلاشك بأن هذا


(١) انظر تفسير الفخر الرازي ٧/ ١٩٤ عند تفسير الآية ١٢٥ من سورة الأنعام. وهذه وردت من غير سند فلا يعول عليها.
(٢) انظر نشأة الأشعرية وتطورها ص ١٧٦.

<<  <   >  >>