للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القول، وأوضح مقصد قائله. فقال: ليس مراده بالأصول ما أظهروه من مخالفة السنة فإن الأشعري مخالف لهم فيما أظهروه من مخالفة السنة، كمسألة الرؤية، والقرآن، والصفات. ولكن أصولهم الكلامية العقلية التي بنوا عليها الفروع المخالفة للسنة، مثل هذا الأصل الذي بنوا عليه حدوث العالم وإثبات الصانع، فإن هذا أصل أصولهم وأن الأصل الذي بنت عليه المعتزلة كلامها في أصول الدين، هو هذا الأصل الذي ذكره الأشعري، لكنه مخالف لهم في كثير من لوازم ذلك وفروعه، وجاء كثير من أتباعه المتأخرين، فأعطوا الأصول ـ التي سلَّمها للمعتزلة ـ حقها من اللوازم، فوافقوا المعتزلة على موجبها وخالفوا شيخهم أبا الحسن وأئمة أصحابه، فنفوا الصفات الخبرية، ونفوا العلو، وفسروا الرؤية بمزيد علم لا ينازعهم فيه المعتزلة، وقالوا: ليس بيننا وبين المعتزلة خلاف في المعنى، وإنما خلافهم مع المجسمة، وكذلك قالوا في القرآن: إن القرآن، الذي قالت المعتزلة: إنه مخلوق، نحن نوافقهم على خلقه، ولكن ندعي ثبوت معنى آخر، وأنه واحد قديم (١).

قلت: ومخالفة الأشعري في بداية تحوله لغالب أصول المعتزلة يظهر بأن هذا القول ضعيف، فمسألة الرؤيا ومسألة خلق القرآن من أعظم


(١) انظر الدرء ٧/ ٢٣٧.

<<  <   >  >>