للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الذي لم يزل مع الله تعالى، ولم يفارقه قط، ولا أنزل إلينا ولا سمعناه (١). قال ابن حزم: وهذا كلام في غاية النقصان والبطلان، إذ من المحال، أن يكلف أحد أن يجياء بمثل ما لم يعرفه قط ولا سمعه فيلزمه ولابد، بل هو نفس قوله: إنه إذا لم يكن المعجز إلا ذلك فإن المسموع المتلو عندنا ليس معجزاً، بل مقدور عليه، أو على مثله وأيضاً فإنه خلاف القرآن، لأن الله تعالى ألزمهم بسورة أو عشر سور فيه (٢). فهل هذا قول من اتبع السلف الصالح؟ إن القول بأن الأشعري قد رجع رجوعاً كاملاً من بداية أمره مردود بالأدلة، مدموغ بالبرهان، وفي اللمع ورسالة استحسان الخوض في علم الكلام براهين واضحة على ذلك. ولا غرابة من أصحاب هذا القول لأنهم يرون أن منهج الأشعري في المقالات واللمع هي أقوال أهل الحديث.

جـ ـ ومما يؤكد أنه عند رجوعه مباشرة عن الاعتزال لم يسلك مسلك السلف الصالح، ذلك أنه في المقالات قال تحت باب: أقوال مثبتي أنه في مكان «وقال أهل السنة: ليس بجسم» (٣). مع أن أهل السنة لا يقولون مثل هذه العبارات لا نفياً ولا إثباتاً بل يفصلون القول بالمسألة.


(١) انظر الفصل ٢/ ٥٠.
(٢) انظر الفصل ٢/ ٥٠، ٥١.
(٣) انظر مقالات الإسلاميين ١/ ١٦٨.

<<  <   >  >>