وردوا بغيظهم في كل أمر يرومونه من أي كانت كان بأيسر أمر وأسهله، وعبر بالماضي إشارة إلى تحقق وقوعه والفراغ من قضائه كما فرغ مما مضى، فلا قال لتكون الدعوى مقرونة بدليلها:{كما كبت الذين} ولما كان المحادون لم يستغرقوا جميع الأزمان الماضية والأماكن، أدخل الجارّ فقال:{من قبلهم} أي المحادين كقوم نوح ومن بعدهم ممن أصر على العصيان، ولم ينقد لدليل ولا برهان، قال القشيري: ومن ضيع لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سنة وأحدث في دينه بدعة انخرط في هذا السلك، ووقع في هذا الذل.
ولما استوفى المقام حظه بياناً وترغيباً وترهيباً، عطف على أول السورة أو على ما يقدر من نحو: فقد كان لكم فيما مضى من أول الإسلام إلى هذا الأوان مما يدل على كونه سبحانه بالنصر والمعونة مع نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأتباعه رضي الله عنهم معتبر، قوله:{وقد أنزلنا} أي بما لنا من العظمة عليكم وعلى من قبلكم {آيات بينات} أي دلالات عظيمة هي في غاية البيان لذلك ولكل ما يتوقف عليه الإيمان بترك المحادة ويحصل الإذعان. ولما كان التقدير: فللمؤمنين بها نعيم مقيم في مقام أمين، عطف عليه قوله:{وللكافرين} أي