ولما كان هذا ظاهراً في أنهم أسلموا كلهم، قالوا نافين لهذا الظاهر مؤكدين لأن إسلامهم مع شديد نفرتهم لا يكاد يصدق:{وأنا منا} أي أيها الجن {المسلمون} أي المخلصون في صفة الإسلام للهادي فأسلموه قيادهم فهم عريقون في ذلك مقسطون مستقيمون، فلا يفارقون الدليل فهم على الصراط السوي العدل الرضي، ومنا الجافون الكافرون {ومنا القاسطون} وهم الجائرون عن المنهج الأقوم الساقطون في المهامه المجاهل التي ليس بها معلم، فهم بربهم كافرون، ومنا المقسطون، يقال: قسط - إذا جار جوراً، أسقطه عن رتبة الإنسان إلى رتبة أدنى الحيوان، وأقسط - إذا أزال الجور فعدل، فالآية من الاحتباك:«المسلمون» يدل على الكافرين، و «القاسطون» يدل على المقسطين.
ولما كانوا قد علموا مما سمعوا من القرآن أنه لا بد من البعث للجزاء، سببوا عن هذه القسمة قولهم:{فمن أسلم} أي أوقع الإسلام كله بأن أسلم ظاهره وباطنه للدليل من الجن ومن غيرهم.