للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولما نصب سبحانه هذه الدلالات في هذه الآيات البينات حتى ختمها بما علم منهم من الإسراع إلى سب من أحسن إليهم بأن أوجدهم وأوجد لهم كل ما في الكون، وما من نعمة عليهم إلا وهي منه، عجب منهم في الوعد بالإيمان على وجه التأكيد بما يأتيهم من مقترحاتهم إعلاماً بأن ذلك مما زين لهم من عملهم، وهي أمنية كاذبة ويمين حانثة فقال عاطفاً على {وجعلوا لله شركاء الجن} [الأنعام: ١٠٠] {وأقسموا} أي المشركون {بالله} أي الذي لا أعظم منه {جهد أيمانهم} أي باذلين فيها جهدهم حتى كأنها هي جاهدة، ووطأ للقسم فقال: {لئن جاءتهم آية} أي من مقترحاتهم، وتلقى القسم بقوله: {ليؤمنن بها} .

ولما كانوا بهذا ظالمين من أجل أنهم طلبوا من الرسول ما ليس إليه بعد إتيانه من المعجزات بما أزال معاذيرهم، وأوجب عليهم الاتباع، نبه على ذلك بقوله مستأنفاً: {قل} أي رداً لتعنتهم {إنما الآيات} أي هذا الجنس {عند الله} أي الحائز لجميع صفات الكمال، وليس إليّ ولا إلى غيري شيء من هذا الجنس ليفيد الاقتراح شيئاً غير إغضابه.

ولما كان العبد لعجزه لا قدرة له على شيء أصلاً، فلا يصح له أن يحكم على آت أصلاً لا من أفعاله ولا من أفعال غيره، قال منكراً عليهم ملتفتاً إلى خطابهم إشارة إلى أنهم حقيقون بالمواجهة بالتبكيت: {وما} أي وأي شيء {يشعركم} أي أدنى شعور بما

<<  <  ج: ص:  >  >>