ولما ذكر ما يخص الإنسان من إثمه أتبعه ما يعديه إلى غيره فقال:{ومن يكسب خطيئة} أي ذنباً غير متعمد له {أو إثماً} أي ذنباً تعمده. ولما كان البهتان شديداً جداً قلَّ من يجترىء عليه، أشار إليه بأداة التراخي فقال:{ثم يرم به بريئاً} أي ينسبه إلى من لم يعمله - كما فعل طعمة باليهودي، وابن أبي بالصديقة رضي الله تعالى عنها. وعظم جرم فاعل ذلك بصيغة الافتعال في قوله:{فقد احتمل} وبقوله: {بهتاناً} أي خطر كذب يبهت المرمى به لعظمه، وكأنه إشارة إلى ما يلحق الرامي في الدنيا من الذم {وإثماًَ} أي ذنباً كبيراً {مبيناً} يعاقب به في الآخرة، وإنما كان مبيناً لمعرفته بخيانة نفسه وبراءة المرمى به، ولأن الله سبحانه وتعالى أجرى عادته الجميلة أن يظهر براءة المقذوف به يوماً ما بطريق من الطرق ولو لبعض الناس.
ولما وعظ سبحانه وتعالى في هذه النازلة وحذر ونهى وأمر، بين نعمته على نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في عصمته عما أرادوه من مجادلته عن الخائن بقوله تعالى:{ولولا فضل الله} أي الملك الأعلى