ولما أوصل سبحانه إلى هذا الحد من البيان، الفائت لقوى الإنسان، قال مترجماً عنه:{هذا} أي الوحي المنزل. ولما كان في عظم بيانه وإزالة اللبس عن كل ملبس دق أو جل بحيث لا يلحقه شيء من خفاء، جعله نفس البصيرة، مجموعة جمع كثرة بصيغة منتهى الجموع كما جعله روحاً فقال:{بصائر للناس} أي الذين هم في أدنى المراتب، يبصرهم بما يضرهم وما ينفعهم، فما ظنك بمن فوقهم من الذين آمنوا ثم الذين يؤمنون ومن فوقهم.
ولما بين ما هو لأهل السفول، بين ما هو لأهل العلو فقال تعالى:{وهدى} أي قائد إلى كل خير، مانع من كل زيغ {ورحمة} أي كرامة وفوز ونعمة {لقوم يوقنون *} أي ناس فيهم قوة القيام بالوصول إلى العلم الثابت وتجديد الترقي في درجاته إلى ما لا نهاية له أبداً. ولما كان التقدير بعد هذا البيان الذي لم يدع لبساً في أمر الحساب بما حده من الملك الذي يوجب ما له من العظمة والحكمة أن يحاسب عبيده لثواب المحسن وعقاب المسيء: أعلم هؤلاء المخاطبون - لأنهم