ولما كان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شديد المحبة لهداهم والحزن على ضلالهم، والأسف على غيهم ومحالهم، وكان الضلال مع العقل أولاً، ثم مع وجود الرسل الذين هم من الصدق والمعجزات والأمور الملجئة إلى الهدى ثانياً كالمحال، سلاه سبحانه بقوله على سبيل التأكيد لزيادة التحقيق:{ولقد ضل قبلهم} أي قبل من يدعوهم في جميع الزمان الذي تقدمهم {أكثر الأولين *} بحيث إنه لم يمض قرن بعد آدم عليه السلام إلا وكله أو جله ضلال.
ولما كان ربما ظن أنه لعدم الرسل، نفى ذلك بقوله مؤكداً لنحو ذلك:{ولقد أرسلنا} أي على ما لنا من العظمة التي توجب الإتيان بما لا ريب فيه من البيان {فيهم منذرين *} أي فأنذروهم بأس الله وبينوا لهم أحسن البيان، ومع ذلك فغلب عليهم الضلال، وعناد أهل الحق بالمحال، حتى أهلكهم الله بما له من شديد المجال، وهو معنى قوله: